أخبار ثقافية




Vidéos of La la Meghenia




++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

الأدب النسائي في الجزائر تأسس كفكــر وكيــان مستقلين

safia-copie
انطلقت بالنعامة مساء أول أمس، أشغال ملتقى «أعمال ومآثر الكاتبة والصحفية صفية كتو» في دورته الثالثة التي تتناول هذه السنة موضوع «الأدب النسائي بين تحديات الكتابة والتطلعات للحرية». وتتميز هذه التظاهرة الأدبية التي تدوم ثلاثة أيام وتنظمها مديرية الثقافة بالتنسيق مع جمعية «صفية كتو للإبداع الفكري»؛ بمناقشة عدة محاضرات ينشطها أساتذة وباحثون مهتمون بالأدب النسائي ومختصون في النقد الأدبي بعدد من جامعات الجزائر.
وتتناول المداخلات المبرمجة مختلف جوانب الكتابة القصصية والمقالات الصحفية ودواوين الشعر التي تعد جزءا من رصيد ثري تركته الشاعرة والقاصة والصحفية صفية كتو، واسمها الأصلي زهرة رابحي. كما برمجت أيضا قراءات نقدية لأعمال روائيات مختصات في القصة على غرار فايزة مصطفى وبهليل فضيلة. ويناقش المشاركون في هذا اللقاء الأدبي، حسب المنظمين، عدة أبحاث ودراسات نقدية تركز على إشكالية الإبداع الروائي والكتابة القصصية النسائية في الجزائر.
في السياق ذاته، أوضح رئيس «جمعية صافية كتو» عبد القادر ضيف الله أن هذه التظاهرة الثقافية فرصة للغوص في حقائق جديدة حول الإنتاج الفكري للأديبة الراحلة؛ وتبيان مدى حضور المرأة ضمن أدب الشعر والكتابة القصصية باللغة الفرنسية، إلى جانب فك بعض الغموض الذي يلف رصيد تلك الشاعرة والصحفية التي انتحرت أمام «جسر تيلملي» في العاصمة بطريقة غامضة، وذلك في ظل ندرة المطبوعات التي نشرت لتدوين أعمالها. وصنف الكتاب الحاضرون في هذا اللقاء الفكري صفية كتو كونها واحدة من الأديبات اللواتي أسسن لمسيرة الكتابة النسائية في الجزائر، وأثرين الساحة الأدبية بإبداعاتهن مع نهاية الخمسينيات، وهو ما يعكسه إنتاجها الفكري والأدبي والقصصي الذي يؤرخ لمختلف المحطات التي عايشتها والتجارب التي مرت بها والأحداث التاريخية المختلفة التي شهدتها الجزائر أثناء الاستعمار الفرنسي وبعد استرجاع الاستقلال.
من ناحية أخرى، يرى عدد من الباحثين أن الأدب النسائي في الجزائر حقق خطوات كبيرة نحو إرساء قواعد كيان وفكر مستقل تحترم فيه رغبة الإبداع وصقل الموهبة وحرية التعبير البناء. كما أشادوا بالانفتاح الاجتماعي واقتحام المرأة لكافة المجالات ودخولها الكتابة النسائية عالم الاحترافية بعد أن كانت بداية التجربة الإبداعية النسائية في الجزائر عموما شحيحة كما ونوعا، وفق المتدخلين في أشغال الملتقى.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

ذكرى صفية كتو تفتح جرح المنتحرين في الشعر الجزائري
أقيمت لروحها احتفالية في أعلى «جسرها»
الجزائر: الخير شوار
خرج الشعر من الصالونات المغلقة إلى الشارع، ووقف الشعراء عند الجسر في قلب الجزائر العاصمة يقرأون الشعر تارة أخرى ويوزعون الحلوى والأزهار الصفراء على المارة تارة أخرى، والمناسبة هي إحياء ذكرى الشاعرة صفية كتو التي كانت تكتب الشعر باللغة الفرنسية وغادرت عالمنا منتحرة قبل ثلاث وعشرين سنة، لتعود ذكراها من جديد فاتحة جرح الشعراء الجزائريين الذين انتحروا.
هو جسر يتعجب له كل من يراه لأول مرة ذلك الذي يسمى «جسر تيليملي» بوسط الجزائر العاصمة، والذي استقبل شعراء وصحافيين وكتابا تجمعوا ليحيوا لأول مرة ذكرى رحيل الشاعرة صفية كتو وقد رمت بجسدها من أعلاه قبل ثلاث وعشرين سنة. إنه الجسر الذي يعجب له كل من يراه لأول مرة، وإن كنت في شارع ديدوش مراد مثلا وأردت الذهاب إليه فعليك أن تمر عبر شارع صغير هو شارع أحمد وبوعلام خلفي، الذي ينتهي بعمارة من ثمانية طوابق تقابلك، وعندما تقطع كل سلالم العمارة إلى الأعلى تجد نفسك في قلب الشارع الذي أصبح يأخذ اسم واحد من أشهر قادة الثورة التحريرية وهو كريم بلقاسم والذي كان يسمى زمن الاحتلال «شارع تيليملي» وما زال يسمى كذلك على ألسنة عموم الناس. ويقول شهود عيان، إن الشاعرة صفية كتو التي كانت تسكن قريبا من هناك، خرجت من بيتها ذات صباح شتوي بارد عند الساعة الثامنة والنصف، ولم تتردد في رمي جسدها من الأعلى، لتنتشل جثة هامدة عند الشارع السفلي من أعلى ثمانية طوابق كاملة.
وصفية كتو هو الاسم الفني للشاعرة التي كانت في وثائقها الرسمية تحمل اسم زهرة رابحي. وهي من مواليد 1944 (كان عمرها 45 سنة عند الانتحار)، وولدت في مدينة العين الصفراء عند بوابة الجنوب الغربي للجزائر، حيث اشتغلت مدرسة للغة الفرنسية لغاية سنة 1969 لتنتقل إلى مدينة الجزائر وفي سنة 1973 أصبحت صحافية في «وكالة الأنباء الجزائرية». وكانت محققة صحافية وتعاونت مع صحف كثيرة. ومن كتبها المجموعة الشعرية «صديقتي القيثارة» سنة 1979 والمجموعة القصصية «الكوكب البنفسجي»، إضافة إلى عناوين أخرى.
إنها الفكرة التي اقترحتها القاصة فايزة مصطفى، وسرعان ما تحمس لها زملاؤها عبر شبكة «فيس بوك»، وروج لها مجموعة من الشعراء والكتاب، منهم الشاعر عبد العالي مزغيش والكاتب والمدون يوسف بعلوج. وعن الفكرة وتجسيدها تقول القاصة فايزة مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «راودتني فكرة تكريم الراحلة كتو بهذه الطريقة، لأني لاحظت أنها انتحرت في فترة التحولات التي عاشتها الجزائر بعد أحداث أكتوبر (تشرين الأول) 1988، وكانت تحسب على المعارضة. ونحن الآن نعيش مرحلة مشابهة للظروف التي انتحرت فيها، ونرى حركات التغيير في العالم العربي». وتضيف قائلة: «نلتقي مع صفية كتو في الكتابة وفي العمل كصحافيين. والهدف من هذا الاحتفال أيضا هو إخراج الثقافة إلى الشارع، أردنا تعريف الذين يمرون في الشارع بصفية كتو، فأحداث الزمان والمكان تلتقي هنا، وهو الاحتفال الذي أردناه بطريقة مغايرة بعيدا عن المحاضرات الثقيلة في القاعات المغلقة».
عادت صفية كتو من جديد لتصنع الحدث الثقافي بعد أن كاد النسيان يلفها ولا يذكرها إلا بعض أصدقائها في مناسبة انتحارها. وهي التي كانت روحها حاضرة في رواية «سيدة المقام» للروائي واسيني الأعرج، حيث إن بطل تلك الرواية كان يتأهب في نهايتها للوصول إلى النقطة التي رمت منها صفية كتو جسدها من أعلى جسر تيليملي في شتاء سنة 1989.
إنها الشاعرة التي تغلبت أخيرا على النسيان وعادت في ذكراها تفتح جرحا عميقا في التجربة الشعرية الجزائرية، والأمر يتعلق بظاهرة الانتحار التي أخذت جملة من أجمل الأصوات الشعرية وفي ظروف مشابهة. وقبل انتحار الشاعرة صفية كتو، كان الشاعر الشاب (حينها) عبد الله بوخالفة الذي بدأ يشق الطريقة بتجربة شعرية مختلفة قد أنهى حياته بطريقة مأساوية في ضاحية مدينة قسنطينة بالشرق الجزائري، حيث كان يدرس بالجامعة، ولم يتردد في رمي نفسه أمام القطار الذي حوله إلى أشلاء في خريف سنة 1988، ولم تصدر أشعاره في كتب إلا بعد سنين طويلة بعد رحيله، بجهود بعض أصدقائه مثل الشاعر عبد الناصر خلاف والكاتب أحمد دلباني. وبعد ست سنوات من إنهاء الشاعر عبد الله بوخالفة حياته، أقدم شاعر آخر وهو فاروق أسميرة على رمي جسده من أعلى الجسر المعلق لمدينة قسنطينة من علو يقترب من المائتي متر وكان ذلك سنة 1994. وهو الشاعر المتميز الذي كان يعد لرسالة ماجستير وكان قد أحيا بشعره ذكرى صديقه عبد الله بوخالفة في أكثر من قصيدة وتأثر كثيرا لرحيله بتلك الطريقة قبل أن يلحقه.
ولم تتوقف ظاهرة انتحار الشعراء في الجزائر عند هذا الحد، ففي سنة 2010 أقدمت الشاعرة الشابة هادية رجيمي على الانتحار داخل بيتها وهي التي لم تتجاوز الثلاثين من العمر وفعلت ذلك بعد أن أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى «عطر الثرى» وتبقى أسباب الانتحار مجهولة.
وأخيرا فإن ظاهرة انتحار الشعراء في الجزائر لم تكن وليدة سني الاستقلال، بل تجاوزت ذلك في التاريخ المعاصر، ولعل أشهر المنتحرين قبل هذه الفترة هو الشاعر مبارك جلواح الذي رمى بنفسه في نهر السين بالعاصمة الفرنسية باريس سنة 1943. وهو المولود سنة 1908 بضاحية سطيف بالشرق الجزائري ترك ديوانا شعريا بعنوان «دخان اليأس» وبعد سنين طويلة من رحيله المفجع جمع الناقد الراحل عبد الله الركيبي كل أعماله في كتاب بعنوان «جلواح».
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ليُونَة ٌ لا تَفِي بالوَرْد

اخر ابداعات الشاعر الجزائري مجذوب العيد

ليُونَة ٌ لا تَفِي بالوَرْد نِمْت ُ بِها
وكُنْت ُ أسْبَح ُ في تَشْكِيلة الماءِ
حتّى بَرِئْت ُ من َ الأيّام ِ ثم ّ نَمَت ْ
على مواجِعِناَ أُنْثى من َ الدّاء ِ
كأنَّ بوْصلة َ الأتراب ِ مثقلة ٌ
فما تدقّقُ في تفسير ِ أنحائي
أُكاشف ُ اللّوْن َ في سِرْبين ِ من ْ وَهَج ٍ
تسلَّلا والهوى في خَلْقِ أجوائي
عظيمة ٌ صَعْقَة ُ الأبْيَات ِ في طُرُقِي
وبرْقُها إذْ ْأتتْ من فيض ِ أنوائي
فأيْن َ تحفِرُ يا هذا ..؟ فمَمْلَكَتِي
تسَلَّمَت ْ شعرَها من ْ كل ّ أشلائي
صَحَوْت ُ في لَيْلة ِ الأشْبَاح ِ مُخْتَلِفًا
وفي يَدِي جاهل ٌ في زيِّ أعْبَائِي
رَنِين ُ بَيْتٍ هَوَى .. لا لسْت ُ أنْشُده ُ
ولا العُيُون التي تجتَث أنْبائي
من ْ ألف ِ عام ٍ أنا المسْكوب ُفي جَسَدِي
أُجرِّب ُ الرّيح َ في تَمْزيق ِ أزْيائي
أُنَقِّل ُ الشَّمْسَ في كَوْن ٍ أخبِّئُه ُ
على مشارفِه ِ تَمْتَدُّ أهوائي
من ْ ألف ِ عام ٍ تركْت ُ البَوْحَ يسحبُني
وكنت ُ في جوفِهَا في كَفِّ إيحائي
أقَلّْب ُ الشَّمْسَ في كوْن ٍ سبَحْتُ به ِ
كمَا تُقَلِّبنِي فوَّارَة ُ الماء ِ
كأَنّ ما نظَّفَ الأحْداق َ مُنْبَعِث ٌ
من ْ فيح ِ نار ٍ ومن ْ أدْغال ِ لأْوَائي
لعلّنِي لا أرى أحمال َ قافيَة ٍ
تمرّدت َ حينما أَغْوَيْت ُ إغوائي ..!
لنا سعير ٌ تدلَّت ْ في مناطِقِنَا
معروضة ٌ مُدِّدَت ْ في صدْر ِ أعْدَائي
++++++++++++++++++++++++++++++++
الشاعرة الجزائرية "صفية كتو" تنطق من ملكوت الصمت.. أحلم أن يحلم بي الحلم


أحلم أن يحلم بي الحلم
اشتهت أن تقطف فاكهة الصمت المقدّس من شجرة الموت المُحرّمة، فأوقفت "تكتكات" ساعتها قبل أن تقرع الشّمس أجراس منتصف النّهار، ثم أوغلت في رحيل أبديّ صوب "كوكبها البنفسجي" حيث منتهى الجمال المتحرّر من قبح البشر، وتركت نافذة شبه مُغمضة على غرفة اللغز كي يتسلّل ما تعزفه "جنيّة الكلام" على أوتار "صديقها القيثار" ما تبقّى من لحن عالق بحكايا سنونوة الرّمل، كلّما أذّن 28 جانفي في يوميات الناس ذكرى تحرّرها من قمقم القهر وإدانتها لطلسم ذكوري أختزل كونية المرأة في أنثى منتهى حريتها أن تصهل في قارورة "عطر الشبق".. أو كما يسمّيها الناس ذكرى انتحارها سنة 1989.
اشتهت أن تقطف فاكهة الصمت المقدّس من شجرة الموت المُحرّمة، فأوقفت "تكتكات" ساعتها قبل أن تقرع الشّمس أجراس منتصف النّهار، ثم أوغلت في رحيل أبديّ صوب "كوكبها البنفسجي" حيث منتهى الجمال المتحرّر من قبح البشر، وتركت نافذة شبه مُغمضة على غرفة اللغز كي يتسلّل ما تعزفه "جنيّة الكلام" على أوتار "صديقها القيثار" ما تبقّى من لحن عالق بحكايا سنونوة الرّمل، كلّما أذّن 28 جانفي في يوميات الناس ذكرى تحرّرها من قمقم القهر وإدانتها لطلسم ذكوري أختزل كونية المرأة في أنثى منتهى حريتها أن تصهل في قارورة "عطر الشبق".. أو كما يسمّيها الناس ذكرى انتحارها سنة 1989.

الموتى يعزّون الأحياء

سنونوة الرّمل الشاعرة والإعلامية الجزائرية "صفية كتو" تعود في ذكرى رحيلها من "جسر تيلملي" بالعاصمة الجزائرية، المكان الذي شهد انتحارها المُلغزّ، فقد اختار مبدعون وكتّاب من جيل الشباب أن يكون يوم 28 جانفي مناسبة لـ"إلقاء الإبداع إلى الشارع كي تحتضنه الجماهير" وتحرير الحراك الأدبي والفني من المناسبات الرسمية والأماكن الضيّقة والخروج به إلى الشمس والهواء ودنيا العابرين.
سنونوة الرمل على موعد مع احتفالية تكريمية متفرّدة لم تحظ بها في حياتها، فجسر "الانتحار" يتزيّن سياجه بالأشرطة الحريرية الصفراء وبصور الشاعرة وكتاباتها، على أنغام العازفين، ولوحة جدارية تقول بأبجدية اللون ما لم تقله "صفيّة" بصرخة الحرف، يحظى من تستوقفه بالهدايا والحلوى والأزهار الصفراء.. وهذا الأصفر في شرائط الحرير والأزهار، أراده منظّمو المبادرة إحالة إلى "عين الصفراء" في عمق الصحراء الجزائرية، ذاك الـ"هناك" الذي انطلقت منه سنونوة الرّمل بأجنحة حالمة تكسّرت ذات شتاء فولاذي على جسر تيلملي بالعاصمة.


من غربة الروح إلى اغتراب المكان

في أقاصي العزلة بالعين الصفراء، الاسم الأخر لمدينة العين الصافية في عمق الصحراء الجزائرية، أين تفرش جنّيات الصحاري أزاهيرها للأساطير وأين ينتشي الليل بمسامرة النجمات المتسكّعة في سماوات كالمرايا، وُلدت الشاعرة والإعلامية الجزائرية "زهرة رابحي" في 15 نوفمبر 1944 في ظروف عالمية كانت البشرية تمضغ جمر جهنّم في الحرب العالمية الثانية، وفي ظروف جزائرية تموج بمخاضات وإرهاصات الوعي بثورة التّحرّر، وفي ظروف واقع يرزح تحت استعمار دمويّ من ينل تحت رحاه "نعمة" تعلّم القراءة والكتابة – بأي طريقة كانت- فهو المحظوظ الذي تحسده حتى حبّات الرّمل الصحراوي.
ليس هناك كتابات توثّق طفولة الشاعرة، وما انتهى إلينا يفيد أنها توجّهت إلى المطالعة والتأمل، وأنها بدأت الكتابة الإبداعية في سنّ الخامسة عشرة من عمرها.
اشتغلت "زهرة" منذ فجر الاستقلال سنة 1962 وإلى غاية 1969 في مجال التعليم كمُدرّسة للغة الفرنسية، ثم التحفت أحلامها وكسرت غربة روحها التوّاقة إلى فضاء لا تحاصره كثبان الرمل بسكونها القاتل، وغامرت صوب الجزائر العاصمة في مطلع السبعينات فاشتغلت كمتعاونة في وزارة التربية والتعليم ثم مُوظّفة في شركة فلاحية، ومع بداية 1973 ولجت عالم الصحافة من أبواب وكالة الأنباء الجزائرية، وأفردت أجنحتها كمحققة صحفية.. وتدفّقت كتاباتها الأدبية عبر عناوين إعلامية متعدّدة كمبدعة لها مكانتها وعضويتها في اتحاد الكتّاب الجزائريين.
غير أن سنونوة الرمل التي انطلقت من صحرائها باسم "زهرة رابحي" اختارت اسما آخر وقّعت به أعمالها الأدبية هو "صفية كتو". والتوقيع تحت اسم مستعار في ذلك الوقت كان حلاّ عربيا "نسويا" لجأت إليه أديبات عربيات كثيرات..

"صفيّة" تؤثّث الكوكب البنفسجي

اعتنقت "صيّفة كتو" عقيدة الإنسانية وفتحت نوافذها على العالم مُبشّرة بالصفاء والجمال وكتبت أعمالها باللغة الفرنسية عن الحياة الاجتماعية وقضايا الإنسان في كل مكان من العالم وارتبطت بقضايا أمتها لا سيما القضية الفلسطينية، وأرادت أن تستبق المستقبل و"تجرجره" إلى حاضرها كما رسمته في خيالها جميلا وصافيا ونقيّا، وجاء في إحدى قصائدها:
أريد أن يكون وطني فرحا
حتى يكبر الأطفال
في قلب الأغاني

ولم تتوقف "صفيّة" عند الكتابة الشعرية، فقد كتبت القصة القصيرة واُغرمت بقصص الخيال العلمي فأثمر "غرامها" عن مجموعة قصصية حملت عنوان "الكوكب البنفسجي".
وتختصر "صفية كتو" تجربتها الأدبية قائلة:" اخترت عالم الخيال حتى أجد انطلاقة في الزمان والمكان، ففي الفضاء لا توجد حدود وهذا ما يجعلني أعيش أجواء مختلفة مدهشة، وأبطالا خياليين حتى الآن لم يُوجدوا في الأعمال الأدبية ".

وقبل أن تُوقد "صفية" شمعة في أعماقها لا تطفئها الريح، وتقول للإنسان أينما كان: ها أنا على كوكبي البنفسجي، لم أعد أن يحلم بي الحلم أيها العالم المجنون الذي يرفض الصفاء والجمال.. تركت ميراثا بلا وصية:
صديقتي القيثارة (مجموعة شعرية مطبوعة بكندا)
الكوكب البنفسجي (مجموعة قصصية مطبوعة بكندا)
أسما (مسرحية لم تطبع)
زهرة الرمال (مجموعة قصصية للأطفال)
ورواية حول البعد الاجتماعي النفسي لم تطبع، بالإضافة إلى رصيد كبير من المقالات والتحقيقات الصحفية.

+++++++++++++++++++++++++++++++।
 كلمات الفاتح الذي لم يجئ بعد 
بقلم : محمد الأمين سعيدي



أطلّتْ ..
رَمَتْ حزنها في الغياب المؤجَّل ِ
لم تَمْنَح القلب إلاَّ قليلا من الصمتِ
ثمّ اختفى ظلُّها
أطلّتْ..
وما عانقتْ غير قافية ٍ
أستبيحُ بكارتها في ليالي الطهارة ِ
أبتدئ الحبَّ فيها
أهادنُ كلَّ المجازاتِ
أنسلُّ من حيرة الإستعاراتِ
ثمّ أُهيلُ عليها رمالَ جراحي
فيعصف بي رملُها
+++
أيا أنتِ
يا من تعاليتِ فوق علوِّ الصبابةِ
هل أخبروكِ بما في يديّ من الجمرِ؟
ما في دمائي من الفخر والقهر والأوبئهْ؟
هذه لجّة الإنكساراتِ
في مائها يسبح القومُ
لكنّ شمس الكرامة أحلامها مطفأهْ
من سيحمل بادرةَ الثأرِ
دمعُ الأرامل مازال يسقي فم الأرض ِ
يُرضعه من حليب المعاناةِ
يشكو إليه زمان الخياناتِِ والأوجه المستعارهْ
+++
أيا أنتِ
كيف استطعتِ التكتّمَ؟
كيف اختفيتِ؟
وفي كل واجهة ذبحة تُظهر الابتسامَة َ
كيْ لا تذوق المرارهْ
على ظهر آلامنا فرشَ الغاصبون انتصاراتهمْ
ثمّ جاؤوا يجرّون أحلامَنا كالجواري
على ظهر آلامنا مارسوا الجنسَ
يا ويلنا..
كيف صرنا بغايا
وغابتْ حماستُنا خلف ألف جدار ِ
+++
+++
يباغتُنا الموتُ مِنْ كلِّ ناحيةٍ
يمتطي رعشة القلبِ
يقلبُها مأتمًا للخفوق الأخيرْ
يُباغتنا الموت مِنْ كل ناحيةٍ
والليالي تناشد أقمارَها:
أطفئوا النورَ ما عاد فوق البسيطةِ من مبصر ٍ
كيف يشعر بالنور شعب ضريرْ ؟
+++
+++
لغة للبلادة ِ
تفتحُ في أوجه القوم أسوارَها
أدخلوا..
ها هنا سوف يحضنُكم صمتُكمْ
ها هنا موتُكمْ
لغة للبلادةِ
تلعقُ ما في يد القوم من صخبٍ
وتتوّجهمْ بالسكوتْ
هنا كلّ ما ترغبون بهِ:
عالم يابسٌ وانتماءٌ يموتْ
+++
+++
أيا أنتِ
إنّ وراءَ الحدود البعيدة ِ
لي صاحب وأخٌ وحبيبهْ
أرى جسدي ها هنا مثقلا بانجذابٍ قويّ إلى الطين ِ
لكنَّ روحي تجوس خلال الديار ِ
هناكَ تُفتِّش عن عرش بلقيسَ
تندب حصن السموأل
تشتمّ رائحة الوحي في حضن مكّة َ
تبحث عن ذكريات انتصار قريبهْ
هناكَ تبادلني القدس أوجاعها بسروري
تخبّرني عن رحيل الشهامة ِ
عن حال طفل تمزّقَ
عن أمة ضاقتِ الأرضُ من حولها
واستبدّ الجنودُ
هناك تضيق الحدودُ
+++
+++
تودّعني نخلة عند نهر الفراتِ
توضِّبُ أغراضها
أين يا نخلة العزّ تعتزمين الغيابَ؟
وأيّ تراب سيُصبح بيتكِ؟
هل فوق وجه البسيطة أجمل من هضبات العراقْ ؟
صحيح ..لقد هتك الخوف أعراضنا..
غير أنّ مشاعرنا ـ يا ابنة العزّ ـ لا تستطيع الفراقْ
مررتُ على ما تبقى من المجدِ
أبصرتُ كل المسافاتِ غارقةً في الدموعْ
أيا أنتِ..
هذي بلاد الكرامةِ
من يدها رشف الأولياءُ كراماتهمْ
أيا أنتِ..
هذي بلاد النبوَّاتِ
لكنّ أولادها غرقوا في الخنوعْ
+++
+++
أنا القادم المتعطِّشُ للإنتصارِ
سأنثر ما قد تبقى من المجد في كل نفس ٍ
سأسكتُ كل الصراخ الذي غاص في ذبحات اليتامى
أنا القادم المتلحّف بالعزِّ
فلتفتحوا كل أشواقكمْ
لنهدّم ما في الجهات من الإنكسارِ

المشرية 8/7/2008
من ديوان"ضجيج في الجسد المنسيِّ" دار ليجوند/العاصمة 2009.

نشر في الموقع بتاريخ : 2010-12-09
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
 عبد القادر علولة و التجديد في الشكل و المضمون 
بقلم : بغداد أحمد بلية

[
عبد القادر علولة يوجه الممثلين بالمسرح الجهوي بوهران
أثارت إحدى المجلات العربية المشهورة نقاشا حادا حول المسرح العربي الحديث ، و كانت نتيجته أن النصوص المسرحية ضعيفة بالمقارنة مع ما كتب في مراحل سابقة للقرن الواحد و العشرين ، و ما يقال عن المسرح العربي يمكن إثباته على المسرح الجزائري .فالكتابة نتاج تجربة ووعي و فكر ، و قد لا تكتمل الرؤيا في كثير من الأحيان عند الكتاب المسرحيين لذا نجدهم يقعون في رتابة الإبداع فينعدم التجديد .
أثارت إحدى المجلات العربية المشهورة نقاشا حادا حول المسرح العربي الحديث ، و كانت نتيجته أن النصوص المسرحية ضعيفة بالمقارنة مع ما كتب في مراحل سابقة للقرن الواحد و العشرين ، و ما يقال عن المسرح العربي يمكن إثباته على المسرح الجزائري .فالكتابة نتاج تجربة ووعي و فكر ، و قد لا تكتمل الرؤيا في كثير من الأحيان عند الكتاب المسرحيين لذا نجدهم يقعون في رتابة الإبداع فينعدم التجديد .
ولعل الكاتب و المخرج المسرحي عبد القادر علولة (1939 -1994 ) أحد المسرحيين الذين حالفهم الحظ في التجديد في المسرح العربي في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي ،و مع بداية التسعينات قام علولة بترجمة و إخراج نص أرلكان خادم السيدين للإيطالي كارلو غولدوني ، وكعادته كان ينهل من الأدب العالمي لمساعدته في تأسيس مسرح محلي ، فقد أخرج العديد من المسرحيات المترجمة مع المسرح الوطني أو المسرح الجهوي بوهران، ، إذ حول قصة مذكرات أحمق " لنيكولاي غوغول إلى" حمق سليم " من تأليفه و إخراجه و تمثيله .و كان نص " الخبزة " اقتباسا من نص لتوفيق الحكيم " طعام لكل فم " ،أما آخر أعماله "أرلكان خادم السيدين " لكارلو غولدوني ، فهو ترجمة جامعية كما نعتها ،حاول من خلالها الوفاء للنص الأصل حسب ما تسمح به اللغة المستقبلة أي اللغة العربية العامية .
و نظرا للجو الثقافي السائد في مراحل ما بعد الاستقلال ، فقد جمع عبد القادر علولة بين التمثيل و الكتابة المسرحية و الإخراج المسرحي و التمثيل السينمائي و كتابة السيناريو .
إلتحق عبد القادر علولة بالمسرح الوطني بالجزائر بعيد الاستقلال محترفا التمثيل ، فكانت مسرحيات " أبناء القصبة " لعبد الحليم رايس ، و " حسان طيرو " لرويشد ، و" الحياة حلم " و " الفقر المستأنس " و أزهار حمراء " و الكلاب " أعمالا متميزة في الستينات من القرن العشرين .
و بدأ ميل عبد القادر علولة يتجه نحو الإخراج المسرحي ، إذ قام بإخراج أول مسرحية سنة 1965 هي " الغولة " من تأليف رويشد ، ثم تبعتها " النقود الذهبية " و السلطان الحائر " و "العلايق "(1969 ) و " الخبزة "1970 و " حمام ربي " و " حوت ياكل حوت "و " الأقوال "(1982 ) و " الأجواد "(1984 ) و " اللثام "(1987 ) و " أرلكان خادم السيدين " (1992 ).
و من حيث التأليف فقد جمع علولة بين الاقتباس و الترجمة و الابداع ، فقد كانت إبداعاته محاولة للاستفادة من التيارات الغربية و من خصوصيات الثقافة المحلية ، بحيث بدأت أمارات التزاوج تظهر منذ مسرحية " حمام ربي " و " الأقوال " و تجلت بصفة نهائية مع مسرحية " الأجواد " ثم " اللثام " .

إن الكتابة المسرحية شجعت الكاتب عبد القادر علولة على كتابة السيناريو ، و هي تجربة جديدة و مختلفة ، أولها سيناريو فيلم "غورين " لمحمد إفتيسان (1971 ) ثم سيناريو فيلم "جلطي" لنفس المخرج (1980 )،كما اقتبس مجموعة قصص للكاتب التركي عزيز نسين للتلفزيون في سلسلة أخرجها بشير بريشي سنة 1990 .
إلى جانب كتابة السيناريو فقد مثل عبد القادر علولة في عدة أفلام منها" الكلاب " و " الطارفة "لهاشمي الشريف (1971-1969 ) و "حسان نية " لغوثي بن ددوش 1990 و بعض الأفلام الوثائقية منها " تلمسان " لمحمد بوعماري 1989 و " جنان بورزق " لعبد الكريم بابا عيسى 1990.

تتضح معالم التجربة المسرحية التي قام بها الكاتب الدرامي عبدالقادر علولة في المزج بين المفاهيم البريختية (برتولد بريخت 1898-1956) وبين مسرح الحلقة بتوظيف القوال (الحكواتي) مع الحفاظ على عنصر الفرجة المتمثل في المشاهد المسرحية التي يجسدها الممثلون والتقمص التام للشخصيات, وهذه ميزة مهمة جعلت المسرحيات تحافظ على بنائها الدرامي.
لقد أثرى الكاتب الدرامي عبد القادر علولة الساحة المسرحية المغاربية في الثمانينيات بثلاث مسرحيات متميزة هي (الأقوال) 1980 و(الأجواد) 1985 واللثام 1989, عدها بعضهم ثلاثية لترابط الحدث فيها في العمق.
والحقيقة إن الأحداث التي عرفتها الجزائر في تلك الحقبة وتداعياتها على المجتمع أدت بالمؤلف ولو بطريقة غير واعية إلى الربط بين أعماله عن طريق الأحداث دون الشخصيات . .
ومع أن الاهتمام بالقوال ظهر في فترة سابقة عند علولة مع مسرحية الخبزة 1970 إلا أن (الأقوال) كانت مرحلة تأسيسية لنوع جديد من المسرح يجمع بين القوال كعنصر تبليغي للأحداث و بين المنهج البريختي المعروف .. وكان القول عندئذ هو العنصر الجامع للوحات المسرحية, إذ جمع بين ما حدث لقدور السواق وغشام ولد داود ثم الجيلالي خال زينوبة بنت بوزيان. وقد كان الجود في مسرحية (الأجواد) هو العامل المشترك والصفة الجامعة بين الشخصيات ومنهم الربوحي الحبيب وعكلي ثم جلول الفهايمي. إلا أن مسرحية اللثام هي التي اكتمل فيها جهد علولة في تأسيس نوع مسرحي جديد يعتمد على القوال كعنصر أساسي وفعال في العرض المسرحي, إذ تجلى فيها بوضوح إمكان التزاوج بين القوال والنص المسرحي الموحد الحدث, حيث جسدت المسرحية منذ بدايتها إلى نهايتها مأساة برهوم ولد أيوب دون الفصل بين الأحداث والشخصيات مثلما وجدنا في الأقوال والأجواد.
تبدأ مسرحيات علولة بملاحظة الحدث الاجتماعي لتنتقل إلى تعريته وتنتهي بتكهن لمصيره ومستقبله, ففي كثير من الأحيان كان علولة يصرح بأن الشخصيات والوقائع في مسرحياته ليست مبتكرة ولكنها حية تعيش حواليه في المجتمع..
بيد أن الكاتب الدرامي علولة حين يعرض علينا شخصياته البسيطة في ظاهرها يبرز خصوصياتها الجوهرية التي لا يدركها إلا ذو عقل رزين وملاحظ نبيه, ويرمي من خلال مسرحة الحقيقة إلى التسامي بالواقع إلى رحاب الفن, فالفنان الذي لا يتمكن من الارتقاء بأعماله الواقعية لتحويلها إلى أعمال فنية هو مجرد ناقل للأخبار والوقائع, وإذا كان الفن انعكاسا للواقعي والحقيقي فلابد أن يكون انعكاسا جميلا أو ساحرا.
إن شخصيات عبد القادر علولة البسيطة تتجلى للمتفرج بصفاتها المتميزة منذ بداية المشاهد المسرحية, ثم تعرض الأحداث كدلائل على الحكم البدائي وفي ختام العرض يترك الحكم الأخير للمتفرج .
فالربوحي الحبيب في (الأجواد) مشروح الخلق, ومحبوب كثيرا عند أقرانه العمال بالميناء والبلدية والوحدات الصناعية, حيث يعزونه كثيرا.
" الربوحي الأسمر حديثه معطر كأنه ماء زهر مقطر."
أما عكلي (الأجواد) فقد كان طويل القامة وسمينا قليلا.. شواربه مفتولة وصوته عال والكلمة تخرج من فيه صافية موزونة, . أما صديقه منور فهو قصير القامة وأصغر منه سنا -بقرابة عشر سنوات تربى في البادية ولا يزال يحافظ على القيم التي شربها في صغره.
كما أن جلول الفهايمي (الأجواد) كريم ويؤمن كثيرا بالعدالة الاجتماعية,ويحب وطنه بإخلاص, متمنيا أن تتطور بلاده بسرعة, وأن تزدهر فيها حياة الأغلبية, فزوجته وأولاده يحبونه ويجلونه ويعرفون بحق أنه حنون وكريم ويرشد للطريق المفيد.
تمثل مسرحية (الأقوال) بداية النضج والوعي الاجتماعي الحقيقي من خلال شخصية قدور السائق الذي يقدم استقالته لمدير المؤسسة التي يشتغل بها منذ أكثر من خمس عشرة سنة, فبعد ما كان تابعا لمديره في كل شيء يدرك في الأخير حقيقته بأنه كان ينهب أملاك المؤسسة ويعيث فيها خرابا.
"سي الناصر خذ اقرأ هذه الرسالة.. رسالة موجهة إليك يا حضرة المدير نعم فيها استقالتي.."
والاستقالة في الحدث هي انفصال شخصية قدور عن شخصية الناصر مدير المؤسسة, مع أن الرابط التاريخي كان قويا بينهما, فكلاهما شارك في الكفاح المسلح ضد المستعمر إلا أن ذلك لم يمنع الناصر من تخريب ممتلكات الشعب.
"واحسرتاه على سي الناصر الشاب البطل.. الشاب الذي كافح من أجل العدالة الاجتماعية..أين ذاك الشاب? السي الناصر - رحمه الله".
إن تبعية قدور لمديره الناصر كانت تبعية مطلقة, وسببها الثقة العمياء والصداقة المخلصة, إلا أن إدراك قدور الحقيقة جعله يمقت مسؤوله وأعماله الشنيعة مما جعل الثقة تنعدم بينهما.
"بعدما أخرج من هنا.. أرجوك لا تبحث عني ياسيدي..فطريقنا من اليوم لم يعد واحدا.. وربما يكون اختلافنا إلى الأبد... "
إن ما جرى لقدور يمثل لحظة وعي تام لأحد أفراد شعب أدرك من متناقضات الحياة أن الخطابية الأيديولوجية لا تكفي بل يجب تدعيمها بالأفعال.
تلفت مسرحية (الأقوال) الانتباه إلى بعض المشاكل الاجتماعية العويصة التي سيواجهها المجتمع الجزائري ومنها الفقر والبطالة الناجمة عن تسريح العمال وطردهم, وهذا ما شهده المجتمع الجزائري وعايشه بعد ذلك بصفة رهيبة., وهذا ما تصوره قصة غشام ولد داود الذي يحال على التقاعد مرغما جراء مرضه المزمن الخطير..
"ودخلت المعمل, كانت أصعب لحظة بالنسبة لي حين وصلت الورشة التي أشتغل بها.. كل الزملاء كانوا على علم بالخبر ويتألمون لذلك, ولكنهم يكتمون ألمهم..أخبرهم بوعلام النقابي بلا شك, وأوصاهم بأن يحسنوا الكلام معي, لمحت في وجوههم وسكوتهم الموت"...
ويطرد الجيلالي خال زينوبة بنت بوزيان العساس كذلك من العمل جراء إضراب قام به ليعيش حالة فقر فظيعة.
"جمعنا العمال في جمعية عامة وأنشأنا نقابة ثم انتخبنا المكتب, كنت أنا وستة أشخاص من الأعضاء.. بعد ثلاثة أشهر طردت من العمل ولم نحقق أي شيء للعمال.. "

تمثل مسرحية (الأجواد) بالنسبة لعلولة مرحلة المقاومة للدفاع عن المكتسبات الشعبية, وهذه المقاومة يقودها أفراد من الشعب لمجابهة التخريب والمساس بالثوابت, فالأجواد: الكرماء, والجود صفة تميز الأثرياء من أفراد المجتمع, بيد أننا نجد أجواد عبد القادر علولة من الطبقة البائسة المعدمة ، فالربوحي الحبيب حداد بالبليدة, له دخل محدود ولكنه بفعل تكوينه الاجتماعي والفكري جواد كريم, يجود على المجتمع بجهده ووقته وحكمته وشجاعته وأفكاره ويواجه مصاعب البلدية.
" الربوحي الجيب الحداد تحمل القضية, قال لهم: من أجلكم وفي خدمتكم ولو بقطع الرأس أتجند وألتزم بالمهمة..".
كما أن عكلي يجود بجسده أي بهيكله العظمي للثانوية التي يشتغل بها, إنه بفعل ثقافته المتبصرة وفكره النير يدرك جيدا أن الفرد لا قيمة له في المجتمع, ولكن التغيير في نظره وليد المبادرة والشجاعة..
"أهدي جسدي.. هيكلي العظمي للمدرسة, وأجعلك وكيلي في تنفيذ الوصية.."
أما جلول الفهايمي فكان يجهد نفسه لفهم متناقضات المستشفى, كان يرفض الظلم واللا معقول فهو يختلف تماما عمن يرضون بالواقع ويتماشون معه.
"إنكم تقولون بأننا (مافيا) وأنتم تريدون تطبيق الاشتراكية افعلوا إذن ... إنكم تقولون بأننا نسرق..فلنفرض أننا نسرق وأنتم ماذا تفعلون?!. "
إن المسرحي علولة من خلال اختيار هذه النماذج من المجتمع, إنما يشخص الداء الذي ينخر جسد المجتمع الجزائري, فقصة الربوحي الحبيب تظهر سوء التسيير الإداري الداخلي وقصة عكلي تبين أزمة المنظومة التربوية وبالتالي أزمة العلم ومستقبل الأجيال, أما قصة جلول الفهايمي فتجلي أزمة المنظومة الصحية وتدهور أحوالها.
إن هذه القطاعات الثلاثة حساسة جدا في أي مجتمع من المجتمعات, بقوتها يتقوى المجتمع وبضعفها يسوده التفكك والفوضى.

بعد مسرحية (الأجواد) يواجهنا علولة بعرضه (اللثام) الذي ينبيء فعلا عن انهيار النظام القائم وانحسار الأيديولوجية السائدة آنذاك, إذ يبين بطريقة رمزية أن مؤسسي الفكر الثوري وحاملي لواء العدالة الاجتماعية هم المخترقون الأصليون للمبادئ التي يحملونها, وبالتالي فهم الذين يقضون عليها, إذ تعرض المسرحية القصة الكاملة لبرهوم ولد أيوب الميكانيكي العامل البسيط في أحد معامل صنع الورق, حيث يتمكن بتحريض من ثلاثة نقابيين من إصلاح الآلة الرئيسية بالمعمل, فيتهم إثرها بالتخريب والخيانة, والحقيقة إن المسيرين والإداريين خربوا الآلة للقضاء على المصنع, لتحويله بعدها إلى قطاع خاص فيتمكنون من الاستيلاء عليه.
"أحب أن أقدم خدمة في حياتي ..لا يمكنك أن تقوم بأي شيء ..مصيرك يتحكم فيه الآخرون".
ويجدع أنف برهوم بعد محاولته إنقاذ المصنع, ويحاول تقديم شكوى ضد المسيرين, ولكنه يضطر إلى المرور بشوارع المدينة فيكبله الخجل, وكأنه قام بجريمة, ويجاهد نفسه للوصول إلى الجهات المعنية لتقديم شكواه.
"أحس برهوم الخجول أنه يطير في السماء.. يعلو مرة ويهبط أخرى, كأنه يسبح فوق رؤوس الناس, وبدت له المدينة غريبة..وتراءت له صورة عجيبة كأنه فقد عقله.. من الأعلى رأى أناسا يصرخون عدالة.. عدالة..رأى صبيانا عارين يجرون وفي أكفهم الجمر, رأى أناسا ثيابهم أنيقة ينظمون مظاهرة وهم مسلحون ويحملون لافتات كتب عليها ..الجشع ..الجشع حتى الموت .. كل شيء يؤخذ بالقوة وكذلك الويل لمن لم يرقص مع أمريكا.. رأى ساعات عقاربها تسير معكوسة .. رأى نيرانا مشتعلة في العمارات الإدارية ...خاف برهوم ولد أيوب الأصرم وانطلق يجري حتى بلغ خارج المدينة.".
وتكون نهاية برهوم الهروب إلى مقابر المدينة بعيدا عن المجتمع وعن أسرته.إن مسرحية اللثام بينت عمق الأزمة السياسية الأيديولوجية التي عاشها المجتمع الجزائري في الثمانينات, كما تنبأت بصدق عن انحسار الفكر الثوري فيها, واقتراب سقوطه, وكانت الأحداث السياسية التي شهدتها الجزائر بعد ذلك مرآة عاكسة لتكهنات الفنان.
إذا كانت مسرحيتا (الأقوال) و(الأجواد) تنبأتا بفساد الوضع الاجتماعي, فإن مسرحية (اللثام) حاولت التحذير من العواقب السلبية, لتبين أن الأزمة أصبحت أكثر عمقا وتعقيدا وأن الحل أضحى مستحيلا.
لقد كان المسرح ولا يزال وسيلة من وسائل التنوير , فالمبدع يجب ألا ينفصل عن الواقع, وعليه في الوقت ذاته أن يصوره بطريقة فنية تجعل المتلقي يلتفت إلى الظواهر التي يعيشها, سواء الأدبية أو الفنية أو الاجتماعية, كما أن دور المبدع المسرحي البحث عن أشكال مسرحية جديدة قد تساعد على إبقاء الفن الدرامي في ريادة الفنون ، و إلا حدث العكس .


نشر في الموقع بتاريخ : 2010-10-02
                                                                         +++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
شظايا ... شعر : مجذوب العيد


مجذوب العيد
في الجَفـْن ِ .. في بَسْمَة الأبْيات.. في الزّمَن ِ
في رجْـفة الكوْن .. في ترنيمة البَدَن
في زهرة ٍ بُعِثَتْ من صَخْر ِ مَشْـيَتِنا
من ْ آخر ِ الماء ِ .. من جمْرِي ومن عَدَن ِ
ترَكْت ُ طِفْـلين ِ من ْ أعماق ِ ثرثرتي
للجن ّ ِ.. ! هل أوصلوني أوّل الفِتـَن ِ ؟
سيطربُ العشق ُ من حولي .. أ ُثار ُ به
أجرّب ُ الحَرْقَ في سرّي وفي علني
سيذكر ُ العشق ُ أني كنت ُ أحمله ُ
مُوَرّدًا ثمّ لا أنجيه من ْ زمني
سيذكر ُ الخفقُ أشيائي وعجرفتِي
ولوْنـَها حينما مَرّوا على وَهَنِي
أسالني الشوق ُ أعوامًا بشرْفتها
وما نـَمَت ْ يومَها في غمرة ِ المحن ِ
أسالني فـَطَـفـَا اللـَّوْن ُ الوحيد ُ وما
أعادني عَسْجَدًا يُرْضيكِ يا وطَنِي
أسالنِي.. كل ّ أنفاسي مدمّرة ٌ
وهذه مهجتي يَحْتَلّهَا شجَنِي

من ديوان شظايا
                                                +++++++++++++++++++++++++++++++++++++
 " ينابيع في الهضاب" ديوان لا يبخل على قارئه بالدفء.
بقلم : محمد الأمين سعيدي
منشور في:الموعد الأدبي/جريدة الحوار، يوم الأربعاء16/9/2009

في مدينتي التي أسكنها المسماة"المشرية" والواقعة في الهضاب العليا من غرب الوطن، تبدأ بوادر البرد القاسي فيها مع بداية أيام الخريف الأولى، ثم تتصاعد حدته مع شهر أكتوبر على أقصى حد لتنزل نسبة الحرارة إلى درجات معدودات تحت الصفر، فيكون من عادة كل بيت وكل شخص أنْ يوفر لنفسه التدفئة لكي لا يُعاني من لسعات الجو البارد التي لا ترحم. وأنا –مثل باقي أهل المدينة- وفرتُ لنفسي مجموعة من الكتب لكي أستمدّ من أوراقها الدفء والحنان والشعور بالأمن. ومن بين هذه الكتب ديوان الشاعر مجذوب العيد المشراوي "ينابيع في الهضاب" الذي أهدانيه عند صدوره منذ شهرين من دار ليجوند بالعاصمة والذي كتب مقدمته الشاعر عبد القادر رابحي، ومع هجوم أول هطول من المطر على المدينة وسكانها، فتحتُ هذا الديوان الأنيق في طبعته لعل ينابيعه تحمل إليَّ عبق الربيع الذي لن يأتيَ إلا بعد فصلين لا ملاذ فيهما من الصقيع.
ديوان"ينابيع في الهضاب" لشاعره مجذوب العيد المشراوي بحلته القشيبة التي صدر بها –وبعد قراءته باستسلام ونهم- تفجرتْ ينابيعه في قلبي، فحلَّ داخلي الربيع قبل أوانه مبتسما مغردا دافئا.
إن قارئ الديوان يجد نفسه أمام تنوع جمالي على مستويات ثلاثة: مستوى الشكل أو البناء الموسيقي، ومستوى المضمون الذي اتخذ من الذات عمودا للتجربة ومحورا تدور من حوله الأشياء والعوالم، ومستوى آخر مرتبط بألوان الكتابة التي يقوم كل منها على قناعات شعرية تختلف من شاعر إلى غيره، لأنها نتاج العامل النفسي والشعوري وكذا الميولات والأذواق التي تدفع الشاعر إلى أسلوب معين في مرحلة إبداعية دون أخرى.
ولعلي في هذا المقال لن أتحدث عن مستوى البناء الموسيقي كثيرا، لأنّ الشاعر كتب قصائده على أساس شكلين شعريين هما: العمودي، والتفعيليّ واكتفى في هذا الأخير بقصيدة الومضة التي اتصفتْ بالتكثيف الدلاليِّ، وانحازتْ إلى المواضيع الفكرية خصوصا.
والمستويان الأخيران لي حولهما رؤى نقدية أعرضها، لأنهما هما اللذان حددا المنحى العام الذي تسير فيه قصائد الديوان.
يقول الشاعر في تقديم قصير جدا أسماه: "تقديم بلا مقاس":
(في مهبِّ الريح يبتهج الشعر، يأبى المألوف، يتعالى..
لا تلتفتْ إليك وأنتَ تكتبُ خوالجك المتعبهْ..
لا فهم يضعك، لا جهل يرفعك..)
انطلاقا من هذا النثر الذي يقترب من الشعر أو كأنه هو، ألج إلى حديثي عن هذين المستويين متكأً على ما ورد في قول الشاعر هذا، لأنه ببساطة يعرض رؤيته للشعر وإحساسه بالقارئ الذي لا يعرفه أصلا، وهو بين هذا وذاك يأبى المألوف ويتوخى الاستثناء.
الذات محوارا للكتابة وعمودا للتجربة:
بناء على هذا فإنّ الشاعر-كما أشرتُ سابقا- جعل من ذاته محورا لهاته التجربة، وعمودا رفع على أساسه مدينة شعره التي أضاءها بشموع الخبرة والعمر، فجاءتْ مواضيع شعره أشبه بنظارة ينظر من خلالها إلى نفسه وكيانه، وإلى العالم بما فيه من أشياء ووقائع، وإلى الآخرين الذين فتح عليهم نافذة حتى يروا عالمه الداخليّ من بعيد كلٌ على حسب دقته وبعد نظره وسعة خياله، ولكي يروا كذلك في حالات الشاعر وفي تمظهرات شخصه أنفسَهم المكبوتة التي لا تزال في زمن مثل هذا تبتعد عن الأشياء الجميلة وتقع فريسة للمادة القاسية اللعينة التي تأكل القلب.
يقول الشاعر في قصيدة"إليها":
(تصيدي بسمتي واستعذبي جرعي
واستنطقي وجعا يمتدّ في وجعي
ها أنتِ لمْ تشرقي في داخلي أبدا
ولمْ تكن حرة عيناك في ضيعي)
فالشاعر ببساطة يعيد في قصائده ربط شظايا ذاته مع شظايا العالم، فهو على عكس بعض الشعراء يرى العالم في نفسه، ويسعى إلى التطرق إلى موضوعات لها دائما علاقة وطيدة مع الذات الشاعرة وما يحيط بها ويطرأ عليها. إننا نجد على هذا المستوى الشاعر الذي ينظر إلى العالم في كل مرة بعين مقتضى الحال ومقتضى الشعور، ونشعر بعدم اليقينية في رؤية العالم سواء كان داخليا أو خارجيا، فالاحتمال في الطرح، وفي تحقيق التجربة العاطفية هو الذي يفرض وطأته داخل الديوان.
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أنّ "أنا" الشاعر ليست تمظهرا لنرجسية من نوع ما، ولكنها قد تنطبق على أي قارئ يمرّ بما عبّر عنه الشاعر أو يتقاطع معه في كثير من أحاسيسه وقناعاته ورؤاه. فالشعر إنْ لم يقمْ على أساس الذاتِ أوَّلاً ليس بإمكانه أنْ يُعطيَ للغير المتعطش إلى الصدق والجمال شيئا مما يصبو إليه لأنه ببساطة لمْ يعط هذا حتى لنفسه.ومن ثمة تصبح لذة اكتشاف المتعة الجمالية والفنية لا حكرا على الشاعر وحده، وإنما هي فضاء تحلق فيه أرواح القراء متراقصة مع أرواح السحر والجمال العلوية.
يقول الشاعر:
(يبدأ العيدُ في صدرك الرطبِ
عزفا سريعا..
يعي قلة الحب في جيب من باتَ في مقبرهْ
فلتكن شاعرا
ولْتعدْ منبرهْ.)
لتنوع الأسلوب ينابيعه أيضا....:
أقصد بتنوع الأسلوب ذاك الانتقال من الكلاسيكية إلى التحديث ومن الشكل العمودي إلى التفعيلي دون تنظيم أو تحديد، مما أدّى في نظري إلى ميلاد ما يمكن تسميته بالفوضى الخلاقة، والتي لعبتْ الدور الكبير في تحقيق المفاجئة على مستوى القارئ الذي سيجد نفسه ينتقل من قصيدة عمودية إلى ومضة تفعيلية، ومن نص كلاسيكي إلى نص حداثي، بل حتى من موضوع إلى ما يغايره أو يناقضه . فقراءة الديوان إذن لا تخلو من مفاجئات هي ما سماه الأقدمون الإلتفات الذي قالوا في حدِّه:"هو تلقي المخاطَب بغير ما يترقب"، وسماه هانز روبرت ياوس بـ:"مخادعة أفق انتظار القارئ".مما يولد المتعة الجمالية ويخلق نوعا من المغامرة في البحث عن الدلالة واكتشاف الجماليّ والفني داخل النصوص.
ولا يجب أنْ يُفهم من حديثي عن الكلاسيكية أنّ الديوان كلاسيكي، أو أنّ أسلوب الشاعر يتراوح بين الكلاسيكِ والتحديث، وإنما ما وُجد في الديوان من نصوص كلاسيكية لا ريب أنه قديم لأنّ تطوّر أساليب الشاعر في بقية القصائد يوحي بهذا الأمر بل عليه يؤكد ويدلّ.
وفي هذا المستوى أيضا يجدر التنويه بأنّ الشاعر بذل جهودا كبيرة في زرع المغايرة داخل النصوص العمودية، وخلخلة أسلوبها، فليس شعره العمودي إطلاقا كشعر شوقي أو البارودي، وإنما هو نوع آخر تظهر فيها بوادر التجديد ورهاناته، ومن ثمة فإنّ الذي عليه أكّد الشاعر هو أنّ إمكانية تحقيق الحداثة ليستْ مرتبطة بشكل دون غيره، بل هي في قدرة الشاعر على الإخلاص للحظة الزمنية التي يعيش فيها، ولتطورات الذوق الجماليّ واختلاف الإحساس بالأشياء وبالوجود عن عصور سابقة .
يقول الشاعر:
(يا ماء سكناي ما ضافتْ ولا الغرفُ
يا ماء أسكنْ فأنتَ الأصل والشرفُ
ملأتني قبل أن تُختار أمكنتي
وها أنا الرسمُ يرجو حبَّه الخلفُ
تحب عينايَ أنْ تمتدّ عافيتي
وقد تخللْتني وانساب فيْ السرفُ
يا ماء ممشايَ قرب الخلق منتشيا
يصطاده العشق والألوان والشرفُ
يا ماءُ محسوبة أنفاسنا فلمنْ
ستحملُ المنَّ؟ هل فازتْ بكَ النطفُ)
هكذا كانتْ رحلتي مع ديوان "ينابيع في الهضاب" مليئة بالماء الشعري وبالدفء والجمال، وهكذا استطاع الشاعر مجذوب العيد المشراوي أنْ يترك أثره في نفسي فقمتُ مسرعا إلى كتابة المقال لا من أجل الشاعر نفسه، وإنما من أجل ديوان لا يزال منذ وضعته في مكتبتي يفوح بالعبق ويبعث السحر والدفء في المنزل.
محمد الأمين سعيدي
مدينة المشرية يوم 11/9/2009


+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
 أستفيق، فلا أجد ليلاي بقلم : محمد الأمين السعيدي


محمد الأمين السعيدي
هناك حيث ينام الموتُ والعدمُ
تركتُ قلبي فلا بعث ولا هرمُ

تغوص فيه الجراح الحاملاتُ رؤى
فيستفيق وقد أودى به الحلمُ

يهفو حواليه عُمْرٌ كله فزعٌ
وذكرياتٌ لها في عمقه ألمُ

يُسائل الأرض عن أزمان غيبته
في كهف حزنٍ يُواري بابَه السقمُ

ويسألُ البدر عن ليلاه، عن جسد
أنثى، عن السحر في عينيه يرتسمُ

عن الأغاني، عن الأشواق يُخمدها
ماءُ الحياءِ ويُذكي نارها الكلمُ

فيخرس الكلُّ لا حسٌّ ولا خبرٌ
إلا شظايا سرابٍ ليس تلتئمُ

"وا حرَّ قلبيَ" من ليلى ومن زمنٍ
حلوٍ تراقصه الناياتُ والنغمُ

كم كنتُ أحملُ ليلى داخلي وترا
أهتزُّ، يرقص، والألحان تنتظمُ

واليوم أبحث عن ليلى، فتوقفني
ألوان تيه ودهرٌ كله ظُلَمُ

من ديوان"ضجيج في الجسد المنسي"، منشورات ليجوند، العاصمة 2009
 
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ 
ا نا والليل وأشواقي 
للشاعر مبخوت بغداد
أرسى ألليل وهوى بيا  فى عمق اجناحو 
مترصّع بنجوم ضيها وهّاج في بعدو عالي
وهبوب النسيم بزين   الطيب فاحو
وتربع الصمت على كل برّ من هو خالي
ساكن النوم  الهم عنو اترك أسلاحو
هايم في الاحلام عن يقينه جالي
وأنا وحدي نتفكر في أوجوه عني راحو
من بينهم شرقت تبسيمة أهلالي

هاضو الجراح أحسبتهم راهم جاحو
وطْرنتك تحت الرماد كان قادي مشعالي
أتفجرْ بصري بدموع عن أعقابي ساحو
ونسجْ خاطري من سود الليل أحوالي
بعد ما ثلج راسي وأهبالي لاحو
أرجعت مع أشواقي نرغي على أطلالي
كى همدوا  أرياحي ومْواجي ارتاحو
أعصف بي لحنين ورماني على شط أهوالي
ولْفي كان زهو أنهاري وفال أرباحو
أربيعْ فى جناني نقطف ما يرْبالي
الورد والزهر من لون خدو فتحو
والسالف الظلام غيّر عمق الليالي
سود العين بسهمو من الشفرلاحو
منه القلب أعديمْ دمو هيْطالي
أشفايف مرجان شعشع فى مطرحو
والبسمة تكشف ضيْ الثغر إيلالي
الرقبة أعلامْ في يد فارس يوم أنطاحو
ما يطمع به أعدو لو بالعمر الغالي
زوج أتوامْ في ميدانهم على لبلى صاحو
تفاحات أرخام إرعشوا الرزين والوالي
ضحكة ْ ولفي نغمة اسرارها ،باحو
زهو من أصغى أتخفف أحمــــــــــا لي
حسن من نهْوى جازية وحور لماحو
تاج الزين في سيرة بنى أهلالي
عبلة روح شعر العبسي وأملاحو
بالكلمة ورمح كسر أقيود أحبالى
بنت الخص(1)  في الجود جابت كل أصلاحو
بالحكمة والراي برزتْ على أبنات  أغوالي
شهرزاد تحكى على الجن ومن أطلق أسراحو
أعجبْ على أسطور ليلى و ألف ليالي
غنيمة (طروادة )كذا   من فرسان عليها طاحو
واللي تبني  و تهدّْ منْسجها تستنى الغالي
من عصير الشهدة غدّرْ لى أقداحو
أروى ظميي وزاد نشوة بـــــــــالى
ما هوش من خمر الدوالي ولا رُبْ أدواحو
هذا خبث أحرام والأول ريق أحلالي
اعرفنا فالغرام ما أظهر وأبطن في أمراحو
كل ركن حجّيناه فى نظرة أنجالي
ما بقى  لي من ولفي غير زهرة أوراقها شاحو
أتبدّل لونها وعطرها مازال في بالي
ولا صورة قلب طعنه رمح أجراحو
بين زوج حروف تلهب نيران أقتالي
وبقيت مع الليل وأشواقي أقصاحو
نبكى على ما كان والايام ما اتولي
ورجعتْ لي كي المنام يتلا شى عند طلوع أصباحو
ما أرسى منو غير ما يعاود أهبالي
ضاق ثوبك يا ليل على جسدي وأقراحو
كمّش أبعادي عرضي و أطوالي
القلب أحزين والعقل شارد من روحو
اسكن الماضي وفارق الآن أحوالي
أرجعتْ أرهينْ بين أمخالبك أقباحو
ما أعطاني رحمة ترجع أنفاس أحوالي
أستغفرُ الله أذنْ على من أبغى أفلاحو
والفجر لاح على كل من غمرو أظلالي
سبحان خالق ما في السماء يسباحو
ومن أجلى الجهل على أقلوب أمحا لى(2)
ولد المبخوت جاب الكلام على اللى أفقد أجناحو
وبقى في الدنيا أعديمْ ،أوكيلو العالي
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
Tebabna Mohammed 

                              
                        
             Artiste Peintre

      Professeur de Dessin -1984-

                                                                                                                                               
                               L’ abstrait .التجريدي

ة
  
    
  
   
  
   
  
   
  
   
  
   
  
   
  
   
   
   
 
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
                                                    اعضاء جمعية الطرب العربي الأصيل بالمشرية






Musique & musiciens de mecheria 2
 

Ali Choumane Avec le groupe dikrayate
 

Toufik Choumane Avec le groupe dikrayate
 

A.malek & Bouamama Bentayeb avec Skini
 

Boussaid Athmane avec La troupe Skini
 

Hammi -- Mustapha Djebbar -- Reda -- Raouf
 

H. lamouri -- B. Athmane -- A.malek
 

A.malek -- A.ghani zorro -- Alioua
 

Achouri -- Bennai -- Nassim Kebbouche
 
mebkhout--lazgham--amrani ahmed -- mokaddem ahmed










 

mesbah  med el bachir "hammi"
 
Reda Choumane

 
tayeb lazgham

 
Raouf benmechiche

 
A ghani djebbar

 
Toufik Choumane au milieu