3‏/12‏/2010

تمسك البيوت العريقة بالقرداش والغربال

تعرف عملية غزل الصوف و نبشه بالقرداش خلال فصل الصيف اقبال كبير عليها تحضيرا لطلبات مستلزمات العريس و العروسة من خلال نسج الزرابي و الحايك و الأفرشة تقابلها عملية تحضير الطعام الذي يتطلب أدوات كالقصعة و الغربال
لا تزال حرفة إنتاج وتصليح القرداش والغربال موجودة ولكنها مهددة بالزوال لأنه لم يتبق من العاملين سوى حرفين قلائل من منطقة القبائل الكبرى الذين التحقوا بمدينة المشرية منذ قرابة قرن تقريبا والذين ورثوا هذه المهنة عن أبائهم الذين قدموا إلى الجنوب الغربي من الولايات الشمالية واستقروا بالمنطقة أما القرداش فهوا عبارة عن مربعين صغيرين من الخشب يحتويان من الجهة الداخلية على العديد من الأسنان مثبتة في قاعدة كل مربع على بساط جلدي مثبت هو الأخرى بمسامير صغيرة على مساحة كل المربعين الذي ينتهي كل واحد منهما بمقبض يسمح بعملية مشط الصوف وتحويله إلى خيوط مختلفة الأنواع. واستنادا إلى بعض العارفات باستعمال القرداش فإن عملية تحويل الصوف بهذه الأداة تتم عن طريق وضع كمية قليلة من الصوف بين المربعين ثم يشرع في حك المربعين على بعضهما باتجاه معاكس للمربعين من خلال شدهما جيدا من المقبضين ومد السبابة والوسطى على الواجهة الفوقية للقرداش. والحكمة حسبهن من هذا النوع من المسك هو إضفاء الفعالية على احتكاك جزئي القرداش الذي يوضع على فخذ المرأة كما أن شده بهذه الطريقة تعد مريحة وتساعد على عملية المشط بسهولة. وتتبين مهارة النساء في عملية إنتاج الصوف الجاهز للغزل بعد مرحلة القرداش كما يشير ذات المصدر إلى براعتهن في المحافظة على نفس الحجم من القطع الصوفية التي تعرف بـ " البنيق" والتي يتم " قردشتها" مع العلم وأن البنيق يصفف فوق بعضه البعض بعناية تامة لا تسمح باختلاط ألياف الصوف مع بعضها البعض وفي هذا دليل على حذاقة المرأة في مشطه وتصفيفه وعن الطلب لاقتناء القرداش يؤكد الحرفين قلائل بان ذلك قليلا جدا مقارنة مع السبعينيات والثمانينات وذلك لأسباب تبقى مقترنة حسبه بغزل الصوف بطرق آلية حديثة وهو ما تؤكده بعض حرفيات الغزل بمنطقة عسلة اللواتي يؤكدن التراجع الكبير لحرفة القردشة والغزل واقتصارهما على بعض منتجات القشاشيب والبرانيس والزرابي في مناطق ريفية معروفة مغرار الصفيصفة عين بن خليل. وتؤكد بعض النسوة اللواتي إشتهرن بعملية قردشة الصوف فإن التراجع على طلب الصوف المصنع يدويا " مقردشا" أصبح نادرا ويقتصر على فئات معينة خاصة الميسورة الحال لأن إنتاج قطعة أو لفة من الصوف يدويا ليس في متناول الجميع كما أن العديد من الناس يتباهون بأن هذا البرنوس أو هذه الجلابة مصنوعة يدويا ولم تدخل فيها الآلة الحديثة ولا يقل الغربال شأنا عن القرداش بل ما زال يحظى بطلب كبير من طرف النسوة لا سيما المشهورات بتحضير الأطباق التقليدية مثل الكسكس وطعام النفاس وغيرذلك من الأطباق التي تتطلب دقيقا خاصا. وحسب العارفات بالغربال فإن هذا الأخير يكثر عليه الطلب خاصة من طرف العائلات التي تميل إلى استهلاك السميد حيث تقوم تقوم صاحبة المنزل بتجميع عدد من النسوة بالبيت من أجل التحميص و غربلة حبيبات الطعام بعدة غرابيل ذات مخارج مختلفة الاحجام ولكل غربال اسمه مثل السقاط والرفاد وغير ذلك من الأسماء. وتوضح بعض ربات البيوت بالمشرية بان بيوت أهل حميان و القصور كانت خلال السبعينيات والثمانينيات وحتى الآن لاتخلو من الغرابيل وخلو بيت منها يعد نذير شؤم ومجلبا للتعاسة حسب اعتقاد بعض النسوة. وحسب بعض الحرفيين المختصين في إنتاج وإعادة تأهيل الغرابيل فان هذه الآلة " أي الغربال" يعرف طلبا معتبرا مقارنة مع القرداش كون العديد من البيوت النعماوية لازالت تفضل استعمال طحين الدقيق على السميد وهو ما أبقى على وجوده ضمن لائحة الاحتياجات العائلية. ودليل انتعاش هذه الحرفة الانتشار الواسع لمصلحي الغرابيل الذين يجوبون الشوارع طلبا لتصليح الغربال أو تجديد إطاره أو شبكته التي يتآكل ويتعرض جزء منها للصدأ بفعل الاستعمال المتكرر. وحسب بعض هؤلاء فإن تصليح الغرابيل أحسن من صناعتها وبيعها لعدة أسباب منها أن إطار الغربال يدوم لمدة كبيرة من الزمن ولا يتم التخلي عنه إلا إذا انكسر وهي حالة نادرة الحدوث فيما تتعرض شبكة الغربال للتمزق عدة مرات في السنة وهو ما يدفع بربات البيوت بالاكتفاء بتجديدها والاستغناء عن اقتناء غربال جديد. و في أكثر الحالات تعمدن ربات البيوت الى استعمال اطار الغربال الى تحويله الى بندير لاحياء الأفراح و المناسبات .

عن جريدة صوت الغرب .......سلامي