20‏/5‏/2011

"المدينة بدم كذب" حوار بين الحضارات لروائي الكاتب احمد ختاوي

ا


أحمد ختاوي اسم لأديب و إذاعي بارع تخرّجت على يديه أسماء لامعة في المجالين الأدبي و الإذاعي وحتى الفني .هو حاليا متقاعد من عمله الإذاعي متفرّغ للكتابة و الإبداع وفن الرواية، يقول بأنّه جاء إلى الإذاعة من الصحافة المكتوبة، من جريدة الجمهورية التي يعتبرها مدرسة نموذجية ولاتزال مارس العمل الإعلامي المكتوب كذلك من مجلة أضواء و جريدة الشعب إلى جانب اتحاد الكتاب و جاء إلى الصحافة من التدريس.انتخب عام 1981م عضو الأمانة المركزية لاتحاد الكتاب الجزائريين(الهيئة التنفيذية) و كانت تضمّ آنذاك : إلى جانب الأستاذ أحمد ختاوي ، الدكتور العربي الزبيري - المرحوم الشاعر الكبير الأخضر السائحي - الشاعر والروائي محمد زتيلي ، القاص و الإعلامي محمد صالح حرز الله، الدكتور الشاعر أحمد حمدي ، الشاعر أزراج عمر.

الأستاذ أحمد ختاوي الذي سحر القرّاء بقلمه و استحق حب المستمعين ببرامجه الناجحة و شدّنا إلى قصصه و رواياته بأسلوبه الشيّق و لغته المتميّزة والتي غالبا ما كانت سهلة ممتنعة ،لا تملك و أنت تستمع إلى حديثه إلا أن تجلس متمعّنا في تلك الرؤى و المعاني التي يحملها و التي تنمّ عن تجربة كبيرة وسعة في المخيال والإطلاع و الثقافة .نتشرّف الجمهورية ....بمحاورته في جلسة حميمية بمدينة المشرية لنكتشف جديد مؤلفاته .


أولا في البداية ...كيف كانت بداياتك الأولى مع عالم الصحافة سيما المسموعة ؟

احمد ختاوي :التحقت بهذا الصرح الإعلامي الثقيل والمؤثر الإذاعة جئتها من الصحافة المكتوبة ذات شهر مارس من سنة 1987، قادما إليها من جريدة الجمهورية ( مكتب الجزائر العاصمة ) وهي الجريدة التي صقلت مواهبي والفضل في هذا يعود إلى الأستاذ محمد زهاني ، كان وقتها مديرا عاما لجريدة الجمهورية والذي ( جرني ) معه إلى هذا الصرح الثقيل ، المؤثر ، جئت ( جريدة الجمهورية ) من أسبوعية (أضواء ) وجئت ( أضواء ) من جريدة الشعب ، وجئت من ( الشعب ) من ( اتحاد الكتاب الجزائريين ، ) وجئت من الاتحاد وحقل الصحافة من حقل التدريس ، وجئت هذا العالم المتناقض ، الجميل أيضا ملفوفا في ( قماط ) ذات 20 أفريل 1951 بوهران .. وبالضبط من حي ( الحمري الشعبي ) مسكينا ذو متربة ، مسقط رأسي وهران ، لكني ترعرعت وكبرت منذ نعومة أظافري بين المشرية ، وبوسمغون بالجنوب الجزائري ، يتيما ابن التاسعة من عمري ، حيث توفي والدي رحمه الله ذات سنة 1960، ولم أشبع حنانه ) فكان الحنان في أمي العظيمة ، التي التحقت ( رحمها الله ) ببارئها ذات شتاء ( مفعم ) بالصقيع .من سنة 1987 .. قمطتني الأيام ..البؤس والفقر ، فكانت مرآة صادقة لأعمالي المتواضعة .. بدأت أقرض الشعر منذ سن الثالثة عشر ..أقرأ لكبار الكتاب / منذ الحادية عشر حفظت 45 حزبا من القرآن الكريم ، وترسخت في قناعتي أن وهران هي التي دثرتني بالدفء يوم ربيعي ، وبوسمغون احتضني منافة مع المشرية التي توزعت فيها بين أن أعشقها أو أهشث بوسمغون ، فكانتا ضرتان ، لكنهما صديقتان في وجداني ، أتقاسم حبي / عشقي مع المشرية ومع بوسمغون ، لكن وهران التي عدت إليها يافعا ، بعد الاستقلال ، لأواصل دراستي بها من جديد ، تمردت عليها ؤوب على المشرية يافعا أيضا ، غسلت ملوحة مراهقتي بين أزقة وهران ، وبين شواطئها ..واستقر بي المقام مع العائلة بحي ( الدرب ) يسمى عند الوهرانيين ( درب اليهود ) قرأت وهران في ( اليقين ) وقرأتها في التناقض .. مثلما قرأت المشرية بين ( نون وما يسطرون ) .. تعلمت في عزوبتي من وهران أن أعانق ( منتزها) يسمى بالفرنسية ( promenade de l_étang) بهذا المنتزه ، عرفت أن ( لوفانتان ) يمتلك جزءا إن لم أقل كل أجزاء هذا المنتزه الخلاب ، عرفت فيه ( أن التيه ) الرومانسي ، يجب أن ينطلق من ( لامارتين ) والكتاب الفرنسيين ، فبدأت ألتهم كتب هؤلاء / وأنا لم أتعد بعد سن 15 ، التهمت كل الكتب التي تتحدث عن الرومانسية ، ولم أكن وقتها أفرق بين المدارس الأدبية ، كنت أقرأ فقط ، كان هذا المنتزه يطل على واجهة البحر ، وما يزال يطل عليها ، ويطل على ( الأسبان عندما غزوا وهران ، وعلى ( مرسى الكبير ) أكبر مرافئي وهران ، وأحدى القلاع الحصينة ، قرأت وهران في عيونها ، وقرأت بها أيضا ، أن وهران ( بها ) أسدان بمدخل البلدية ، يعانقان هما أيضا أفق وهران، تمردت على وهران ، بعد سن 17 عشر ، لأعود إلى المشرية ، مستقرا، حاملا هموم الكتابة من وهران ، حيث عاصرت ، وتعرفت عن قرب على فنانيها الكبار بلاوي الهواري ،( الأستاذ) المرحوم أحمد وهبي ، الفنان وكاتب الكلمات / المرحوم / الصايم الحاج ودخلت الوسط الفني من أبوابه العريضة ، وأنا مراهق ، فعاشرت وجوها كثيرة من الوسط الفني ، وأضحت الإذاعة بحي ( سيتي بيري ) المخيف ملاذي ، وأقوات انتشائي ، وبعدها إلى حي ( دالمونت ) وسان شارل ولم أكن أعرف أن جان دارك تعانق أيضا بساحة ( بلاس دارم ) أفقا كالتي يتوق إليها ( أسدا ) المدخل الرئيسي لمقر بلدية وهران ، التي أستخرج منها شهادة ميلادي ، ، عرفت وهران / في "الوهراني ومقاماته" ، وفي "منامات الوهراني ومقامته ورسائله " التي حققها ابراهيم شعلان ، ومحمد نغش ، تحت هذا العنوان ، بينما العنوان الأول للمقامات كان " جليس كل ظريف " وصدر هذا الكتاب عن دار الكتاب العربي في القاهرة سنة 1968... منامات يحكي فيها الوهراني عن أبي العلاء المعري ، و"رسالة الغفران " في المنام الأول ، فأدركت أن لوهران أعلام ، وتاريخ ، وليس وهران وحده هو التاريخ ، فلوهران أيضا " جون سيناك " الذي وإن ولد في بني صاف ..فكان ينتمي لعمالة وهران ، درس بمعسكر ، وانضم للثورة الجزائرية سنة 1956، وأن وهران ليست " الراي" فقط فهي أشياء أخرى ..جئتك وهران طالبا للعلم وللفن ، و( أكرمت مثواي ) أنا الصحراوي ، الامازيغي ، السمغوني من بوسمغون ومن المشرية ، التحقت بحاضنتي أمي ( المشرية ) وحاضنتي ومربيتي الثانية بوسمغون ،وأنا مدين لوهران في كرمها ، وبركة وليها الصالح ( سيدي الهواري ) .

التحقت بالتعليم ، ثم الصحافة ذات أواسط سبعينات ،حقبة مثقلة بالايدولوجيا ، و( المد الاشتراكي ) فعانقت في شوق مثل أغلب جيلي ( وأترابي ) مؤلفات / ماكسيم غوركي ، وآل ( ديتوفيسكي ) القائمة طويلة ، يكفي أن نضيف(سيكي ) فيستقيم المعنى ( مايسكوسكي وغيرهم ، ما عدا تشيخوف بوشكين وآخرون ..كنا نعشق حتى الثمالة أيضا نيرودا ، لوركا ومن يدور في فلكهم ،

ومسرحيات المسرحي الراحل ( عبد القادر علولة ) ( حمق سليم ) الخبزة وغيرها ..

في صدر سنة 1981 ، شاءت الانتخابات التي كانت نزيهة ، أن أنتخب ضمن قائمة في الأمانة الوطنية لاتحاد الكتاب الجزائريين ( الهيئة التنفيذية ) والتي كانت تضم إلى جانب العبد الضعيف الدكتور العربي الزبيري أمينا عاما و المرحوم الشيخ الشاعر الكبير الأخضر السائحي مساعدا للآمين العام .الشاعر والروائي محمد زتيلي .-القاص الإعلامي محمد الصالح حرز الله....وغيرهم.

.*اثر انتهاء العهدة بعد 4 سنوات ، التحقت بالحقل الإعلامي ، بالشعب / ثم أضواء ، فالجمهورية ، فالإذاعة الوطنية ،بالعاصمة ، ثم بالإذاعة الجهوية ببشار ، ثم بالنعامة ، ( كانت الإذاعة مشروعا ) ثم العودة إلى الجزائر العاصمة / ومنها إلى التقاعد

. وهل فعلا أنت من وضع أسس الإذاعات الجهوية؟

الكاتب احمد ختاوي:أما عن الشق الثاني من سؤالك ، فأنا لم أقم بتأسيس للقواعد الأولى للعمل الإذاعي للإذاعات الجهوية ، كنت ، في الخنادق الأولى ، هذا صحيح ، أقوم بواجبي كموظف ، وأقوم بالخدمة العمومية ، شأني شأن كل موظف آخر رفقة زملائي ، أساق بواسطة برقية بريدية إلى السلطات المحلية لا يتعدى مضمونها أربعة أسطر على الأرجح ، وكنت سعيدا بهذا ،أضفت فعلا بعض اللمسات إلى الأداء الإذاعي ، هذا باعتراف الذين سبقوني في المهنة ( ليس هذا غرورا مني ) وإنما اعتزاز بأنني أضفت لبنة جديدة لصرح الأداء الإعلامي ، الإذاعي على وجه الخصوص ، بقدر ما تشرفني هذه المساهمة ، بقدر ما كانت تحفزني على مزيد من الأداء ، يقول زملائي ، أنني أنا ( بكل تواضع ) من أدخل بعض الكلمات التي تتداول الآن إذاعيا ( مثل في حوزتنا ) كذا .. ( بعض السويعات ) ( نقضي سويعة ) وغيرها من المفردات والصيغ المتداولة إلى حد الآن .. كانت تجئ هكذا عفوية ، أو ربما من رواسب ، وتراكمات معرفية وبيئية ، لا أدري .

عن روايتك الجديدة المدينة بدم كذب؟

احمد ختاوي :رواية المدينة بدم كذب تتحدث عن إشكالية التواجد اللامنطقي بين الديانات الثلاث _ الإسلام- المسيحية واليهودية , وتتحدث أيضا عن الإسهال المتواجد والمتدارس لدى العامة ولدى الخاصة بالتفكير العلمي والعامي.. انها عمل سريالي يكتنفه الغموض تتداخل فيه الشخوص والشخصيات فبطل القصة ( جيمي ) يحول ويدجن فيما بعد ومربيته جوليات ثم بعد ذلك ماري في السربون ..يهجن مرة ثانية ويودع في غرفة تحمل رقم 545 ويحال الى دار الحضانة ثم يأخذ فيما بعد منحى الحياة ويقوم بعملية اسقاط على ذاته من زمكانيته كفرد وكذات وككيان وهرمون بشري ... وفي هذا الإطار فجيمي الذي هو وحيد قد يكون ( جيم ) أو ربما يكون إبراهيم .. إنها إشكالية الحضارات والصراع الأبدي بينها إني أقوم فحسب بعملية إسقاط على الواقع مستعملا حركات حسابية مع تكسير الطابوهات أطوار الرواية جرت في مدينة باريس إنها مدينة كل التناقضات فهي مهد الحضارات ..فلا يؤتمن جانبها مثلها كمثل قصة سيدنا يوسف .