22‏/7‏/2011

المشوي، الكسكسي والرفيس لفتح الشهية بولايتي النعامة و البيض



منذ قرون خلت استطاعت الكثير من العائلات بمعظم مناطق ولاية النعامة والبيض أن تحافظ على عاداتها وتقاليدها وقيمها الاجتماعية الراسخة التي تعاقبت عليها عدة أجيال و هذا بالرغم من المسافة الزمنية التي تفصل الوقت الحاضر والحقب التاريخية الغابرة لم تنقطع مراسيم هذه العادات مع الحداثة و العصرنة لاسيما فن الطبخ والألبسة والصناعات التقليدية والحفلات العائلية ...إذ يقوم أهالي هذه المناطق العريقة تقريبا بـ 22 بلدية بولاية البيض بإحياء ولائهم لاسيما التحضيرات لاستقبال الضيوف و تنظيم حفلات الأفراح كالاأعراس وكذا تنظيم الواعدات الشهيرة بالجهة من وعدة سيدي أحمد المجدوب بولاية النعامة إلى موعد ركب سيدي الشيخ بعاصمة أولاد سيدي الشيخ وكذا وعدة سيدي خليفة ببوقطب (الخيثر) ॥ تنظم في كل المواسم المعتادة عند اقترابها أي بعد جمع المحاصيل الزراعية و الفلاحية يتجمع الكثير من المواطنين للمشاركة لإحياء هذه التظاهرة الثقافية تخليدا للأولياء الصالحين الذين عاشوا منذ أمد بعيد وعرفوا بخصالهم الحميدة وإتباع المناهج العربية الإسلامية الأصلية ॥وبعيدا على هذه الخصوصيات يتميز سكان البيض بخصال معروفة بالكرم والبساطة॥وتطبع يومياتهم بروتين خاص أي الحرارة وهبوب الرياح التي تهب في بعض الأحيان وحين يحل فصل الصيف الذي يوصف" بالقاتل" حسب تعبير الكثير من المواطنين بالأخص الشباب الذين صادفتهم الجمهورية أمام قلة المرافق الضرورية وأماكن لاستجمام والراحة بجل مناطق الولاية (22 بلدية) التي لها قاسم مشترك في العادات والتقاليد التي لا تختلف من منطقة إلى أخرى بخريطة الولاية وحتى كذلك مع نفس الولايات المجاورة التي تحمل نفس الطابع الرعوي॥فمع حلول هذا الفصل تكثر من خلاله زيارات الأحباب والأقارب وصلة الرحم بعد غياب طويل خاصة المغتربين الذين يشدون العودة إلى أرض الوطن بعد قطيعة من الزمن تقدر من سنة إلى أخرى و

حيث تنحصر الحياة بهذا الفصل الحار في الثقافات المتشابهة على مدار السنة التي تتوج معظمها في حفلات الزفاف التي تملأ الدنيا بالأهازيج والضوضاء في الشوارع معلنة ميلاد أسرة جديدة وتجمع معها أسر وأسراب من الأطفال لمدة أسبوع تقريبا وما إن تنتهي حفلة عرس حتى تكون ميلاد لعرس أو ختان لتتدفق النسوة إلى بيت أخر حاملة معها حصيلة السنة من أخبار أبنائها من النجاحات أو الخسائر لتحول الهموم توقعها الدفوف ورقصة الصف والزغاريد على أطباق "الملفوف"وصينية الشاي التي لا تفارق عادات وطقوس تقاليد أهل البيض على ممر السنيين فلا تخلو مناسبة ولا حفلة وكذا عند استقبال الضيوف إلا وحضرت سهرت الشاي أو المعروفة بالتسمية المحلية "قعدة الشاي" التي تضفي عليها أطباق الحلويات رونقا وجمالا لاسيما وجود صحون الرفيس المحضر بسمن الغنم والتمر "الغرس" التي لها نكهة خاصة للسهر وكسر روتين الحر ولها كذلك أثرها الكبير عند تبادل أطراف الحديث في حل المشاكل والانشغالات أما الرجال فلهم شؤونهم وحظوظهم من الصيف فينقسمون بين منغمس في الثقافات الشعبية الضاربة في قدم المنطقة ومتفتحين على ما وراء الأطلس الصحراوي ليقضون الصيف بالحمامات المعدنية منها حمام زلفانة بولاية غرداية وحمام عين ورقة بولاية النعامة وحمام ربي يسعيدة وحمام بوحجر بمعسكر ...أما للسكان المحليين طقوس وعادات وتقاليد من نوع أخر خاصة لاستقبال الضيوف من استعدادات وتحضيرات لموعد العطل فالأفراح مثلا تشهدها كثيرا مناطق ولاية البيض على مدار الفصل إذ أن الكثير من الحفلات منها الأعراس والختان والحفلات الخطوبة وبالأخص كذلك " زردات" أي ولائم شهادة البكالوريا التي تحضر لها الكثير من العائلات فعاليات متميزة تشجيعا وتكريما لأبنائها الناجحين وكذلك بالنسبة للنجباء بشهادة " السيزيام "كلها مناسبات يلتقي من خلالها المواطنين خاصة المدعوين للمشاركة بها أو الاحتفال بين بعضهم البعض ..وللأنشطة الثقافية دورا مهما في تحريك مظاهر الفرح كموسيقى "الديدجي "بالرغم أنها عادة دخيلة لكن حضورها قوي بالنسبة للمولعين بهذا الطابع العصري ...والمهم فإن الموسيقى تملآ كل مكان وكل زاوية لاسيما أغاني الفنان رابح درياسة خصوصا أغنية "جابوها ذوك الغزلان جابوها جابوها " إذ تظهر بقوة مباشرة بعد الإعلان أو نشر قوائم الناجحين بشهادة البكالوريا إنها أغنية جميلة جدا ألفتها الكثير من العائلات منذ عقود خلت عبر كامل الوطن وترددها في هذه الأفراح (البكالوريا ) التي لها ميزات خاصة لدى معظم السكان بولاية البيض حيث يرقص الجميع ويفرح الكثير تعبيرا على نبل ونجاح الأبناء بهذه الشهادة المصيرية وكل عام تعاد الكرة من عائلة إلى أخرى ..وعلى هذا السياق تحضر العائلات مواعيد هذه المناسبات وتتميز بأطباق المأكولات الشعبية الراسخة والشهيرة منذ قرون ولا تزال رائدة إلى يومنا هذا خاصة ما تتفنن به النسوة من أطباق المشوي والمعكرة والرفيس والرقاق والملوي وزريزة و السفوف بالزبيب والملفوف بالشحم ...أما الطبق الذي لا يخلو الموائد بالحفلات بشتى أنواعها هي أطباق الكسكس المحضر بلحوم الغنم خاصة لحم الخرفان.. والكسكس يعرف محليا ب "الطعام " هذا الأخير يحظى بإقبال كبير ويعد الطبق المفضل حيث يمتاز بشهية عالية عندما يحضر بالخضر المحلية منها خصوصا الياقطين "الكابويا " والبطاطا، الجزر.. والتوابل تعرفها الطبخات في تفنن كمياتها حين يحضرن المرق بلحوم الغنم وبعد ذلك يمزج الكسكس بالسمن أي المعروف "بالدهان"الذي يفوق ثمنه في الوقت الحــالي 2500 دج للكوغرام الواحد

التوابل زينة الطبخ

..وللتذكير بأن معظم السكان هذه المناطق يقدمون في الكثير من الأحيان لكرم ضيوفهم أطباق من المشوي يتم شواء شاة كاملة أي خروف أو رخلة ... أما نكهة الشواء تتجسد عندما يقبل أهل البيض بتحضير طبقهم هذا بطهيه على جمر الحطب "شجر الرتم "وتحشى الشاة بالتوابل الشهيرة وتقدم كاملة للضيوف ويتجمعون حولها في مظاهر تسودها المودة والمحبة ...وكذلك يكرم السكان ضيوفهم بتقديم أطباق أخرى تعد أولية في الكثير من الأحيان بالوعدات والأفراح منها طبق الكسكس الممزوج بلحم الخروف ويتبع بعد ذلك بشرب الشاي رقم 71 الصيني الممتاز الذي يقبل عل شربه معظم السكان بعد تناول الوجبات في فترات الليل أي خلال السهرات وفي الصباح الباكر وبعد وجبة الغداء ...ونشير بأن السهرات الليلية حين تجتمع العائلات للسهر لا تخلو جلساتهم من صينية الشاي التي تحضر معها أطباق من" السفوف "الممزوج بالزبيب والكاوكاو حيث يحلو السمر والسهر حسب ما أشار إليه السيد الحاج. م. الذي عايش الدهر بهذه العادات والتقاليد لاسيما الطقوس والعادات والتقاليد التي يقوم بها السكان بالبادية وكذا البدو الرحل إنها متعة أخرى من حضر وليمة تحضر بالخيم . لاسيما جلسة تحضير الشاي على الحطب فوق الرمال الذهبية تحت ضوء القمر..أما من جانب أخر يتوافد الكثير من المواطنين الآخرين أكثرهم شباب على مدن الساحل قاصدين شواطئها من الشرق إلى الغرب الجزائري أمام الجهود التي تبذلها الوصايا بالبلاد لترقية وتطوير الخدمات الاستجمام والراحة والمتعة بمعظم المواقع الإستراتيجية للترفيه والسياحة على خريطة الوطن .... وحسب الانطباع السائد بالولاية من خلال الدردشة التي أجرتها جريدة الجمهورية مع نخبة من المواطنين تم تلخيص بان موسم الصيف يعتبر فرصة تلاقي الناس من خلال العطل التي تفتح بهذا الفصل مما يجعل معظم المواطنين يتنقلون من منطقة إلى منطقة وكذا توافد العائلات من الشمال إلى الجنوب ويحدث كذلك العكس فضلا عن زيارة المغتربين أوطانهم وأهاليهم والأهم من ذلك خلق روابط اجتماعية وثقافية أهمها لتعرف بتاريخ المنطقة والشعراء مثل رائد الشعر بالجهة المرحوم محمد بلخير ... وترسيخه بين الأجيال وبغض النظر عن انتعاش الجانب الاقتصادي .ومن جهة أخرى فإن الكثير من الأطفال المراهقين والشباب بمعظم مناطق الولاية ب22 بلدية الذين لا يجدون ما يستنزفون فيه طاقتهم يعمدون إلى ممارسة عدة أنشطة تجارية تحت أشعة الشمس المحرقة بالشوارع رغم عواقبها الوخيمة كنصب طاولات السجائر والتبغ أو بيع المأكولات الخفيفة بالأسواق الأسبوعية مثلا بالبيض والأبيض سيدي الشيخ وبوقطب ...هؤلاء يأملون أن يساعدوا أسرهم في الزاد اليومي والدخل العائلي بالأخص المساهمة في توفير المعيشة كالمصاريف التي تخص الأدوات المدرسية تحسبا للدخول المدرسي القادم ..كل هذه النشاطات لهؤلاء الأطفال والشباب ..يراها المختصون بسلوكيات غير نافعة لاسيما كانغماس المراهقين في الانحراف وتعلم التدخين..والتي لها دور في تشتتهم الاجتماعي رغم المساعي المشكورة في هذا الجانب من قبل الجهات المختصة نحو الرشد الحسن ...