4‏/12‏/2010

الشيخ محمد العربي تمنطيط

ولد الشيخ محمد العربي تمنطيط بالمشرية سنة 1926 من أسرة عريقة مشهود لها بالصلاح ، فلقد كان أبوه عبد الرحمان بن علي مؤذنا بالمسجد العتيق . حرص والده على تربيته و تعليمه فدفع به إلى مشايخ يأخذون بيده فتتلمذ على يد الـسادة : بـن سليمان و عبد الرحمـان بن التهامي المغراوي و محمد بن صالح و عبد الرحمان بالرابح . أظهر التلميذ محمد العربي نبوغا في التحصيل على علوم القرآن و متون الفقه و النحو ، فما كان من السيد الحاج محمد الكبير بكري إلا أن هيأه لكي ينتقل إلى جامع الزيتونة بتونس .. في عام 1947 شد الرحال إلى تونس رفقة ثلاثة من رفاقه و لازم المشايخ لينهل من علمهم فدرس على يد العلامة الطاهر بن عاشور و الفاضل بن عاشور و الشيخ النيفر و غيرهم بجامع الزيتونة و بعد أربع سنوات نال شهادة الأهـليـة .في تلك الفترة تعرف محمد العربي تمنطيط على أصدقاء جزائريين أمثال مولود قـاسم نايت بلقاسم و الشيخ عبد الرحمان شيبان و عبد الحميد مهري . في عام 1951 وبعد نيل شهادة الأهلية قفل راجعا إلى أهله لا ليستريح ولكن ليفتح مدرسته رغم النظام العسكري المضروب على المنطقة ،هـذه المدرسة كانت امتدادا ومواصلة لنهج مدرسة محمد الكبير التي أغلقها الاستعمار بحجة الاتصال بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لقد أدخل المرحوم نظاما محكما على مدرسته مثل نظام الانتقال من مستوى إلى أخر... مطبقا برامج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وكان قد زارها الشيخ السعيد الزموشي مراقبا وموجهـا فأعجب بنظامها وبمستواها و المشرف عـليها . ولقد كون المرحوم فتية وفتيات نقل خيرتهم في العام الدراسي 1953- 1954 إلى قسنطينة لمواصلة دراستهم بمعهد الشيخ عبد الحميد بن باديس وبعد عامين عاد هؤلاء الفتية إلى المشريـة ليلتحقوا مباشرة بالقائد البطل طيبي أحمد وانظموا إلى صفوف إخوانهم المجاهدين و يسقطون في ميدان الشرف شهداء عام 1956،بعد أن ضايقهم الحاكم المستعمر مضايقة شديدة وهدد أوليائهم إن هم واصلوا دراستهم بالمعهد المذكور يتخذ ضدهم إجراءات انتقامية ،و هـم: خيثري الحاج ، قاسمي عبد القادر ، أوموسى مختار ، طيبي بن الدين وكـذا تمنطيط عبد الله . وفي العام نفسه يقوم المستعمر بغلق مدرسة محمد العربي تمنطيط التي بدا خطرها جليا في نظره وزج بصاحبها فـي السجن لمدة عامين كاملين تم أطلق سراحه ولكن ظل فـي المضايقات من طرف الاستعمار البغيض الذي كانت عينه لا تغفل لحظة واحدة , يراقبه حيث حل وارتحل لأنه كان يعرف خطورة الرجل عليه . وبحثا عن لقمة العيش عمل تاجرا عند قاسو عبد الله ( مولاي عبد الله ) فترة من الزمن . لكن الحنين شد الرجل من جديد ليعود إلى التعليم الحر فيفتح قسما في شارع الأمير عبد القادر قرب دكـان رحماني عبد الله و يواصل الرجل عطاءه وبدله و يخرج الأجيال من جديد .وفي عام 1961 انتقل إلى تلمسان ليؤدي رسالة التعليم بعد مسابقة أجريت هناك فكان الأول فيها ، وبعد فترة تـكـويـن دامت سنة كاملة وتفوق في امتحان التخرج (برسالة في مقدمة ابن خلدون)، عمل بأكاديمية تلمسـان . ومـا إن نالت الـجـزائـر استقلالهـا حتـى عاد الشيخ إلـى المشرية من جديد و أداء لنفس الـرسالة عمل معلما فأستاذا ( أول أسـتـاذ الـلـغـة الـعـربـية بـالـمشـرية ) ثم مديرا فمفتشا فـي التعليم,ولم يتخل عن واجبه السياسـي الوطني فقد انتخب فـي المجلس الشعبـي الولائـي لولايـة سـعـيـدة وتولى رئاسة المجلس ، وكان قبلها عضوا فعالا فـي المجلس الشعبي البلدي بالمشريـة . وفي مرحلة متأخرة عين إماما في فرنسا ضمن بعثة لوزارة الشؤون الدينية وفي 08 جـانـفي 1995 اجتمع الأئمة المقيمون بفرنـسا بالمعهد الإسلامي التابع لمسجد باريس للنظر فـي أحوال المسلمين وتسطير ميثاق خاص بهم ،كان بين هؤلاء المجتمعين الشيخ محمد العربي تمنطيط وفور الانتهاء من هـذا الاجتماع شعر بدوران فـي رأسه نقل على إثره إلى المستشفى ثم تبين أنها نوبة قلبية أنهت حياته ، في وم الأربعاء 11 جانفي 1995 فاضت روحه الزكيبة الطيبة إلى بارئها

قصيدة نظمهــــــــا محمد العربي تمنطيط

بسجن عين الصفراء سنــــــة 1956

أما لك يا قلب لا تخفــق وما لك تصحو من القلــــــــق

ألست بذاكر يوم(1)المعـــاد لحشر الشباب إلى الموثـــــق(2)

و روعت الأمهات التي لفرط البلى لم تكد تنطـــــــق كذلك كان مصير الآباء الزوج و الولد الصـادق

و قد حشر الجمع في موضــع(3) يسائل بعضهــــم(4)عن ما لقي

و كلهم في حيرة و وجـــــوم و يعجب من ذا الردى الطــــارق

و فجأة نادوا رفاقا لنـــــــا و سيقوا إلى البحث و المنطــــق

و نهج السؤال كما سيلــــي: ألم تك بالثائر المـــــــــارق

ألم تتصل بفلان الــــذي (*) تمرد بالجبل الشاهــــــــــق؟

الست بناصره خفيـــــة بمده بالقوت و الــــــورق(5) ؟

و كل أجاب بنفي لمـــا عزوه إليه و لم يفــــــــق

فلم يمهلوه و قد طرحـــــوه على خشب مثبت ملصـــق

و من كل ثوب عرا جسمـه و قيل هلم هنا فاستلــــــق

و في التو هب رجال العذاب سراعا غضابا لربط الشقـــــي


شرح لبعض المفردات

1) ) يوم إلقاء القبض على نحو 90 من أبناء المشرية: يوم 21 جويليا 1956.

2) ) مكان الوثاق أي الرباط.

3) ) ثكنة المشرية تحت جبل عنتر.

4) ) بعضا " حذف لظهور معناه و ضرورة الوزن.

(*) بنطق بكلمة فلان بكسرة واحدة لضرورة الوزن .

) 5) الفضة . قال تعالى(( فاذهبوا بورقكم هذا ... )) و هو كناية عن المال الذي كان يدفع للثوار إعانة لهم .

المصدر ...جمعية أقلام لترقية الإبداع بالمشرية ....الأستاذ بلية بغدادرئيس التحريرمجلة اقلام