19‏/2‏/2011

من ينقذ سكان جنوب النعامة من بقايا خط موريس

يعبر خط موريس ''اللعين'' أجزاء هامة من تراب ولاية النعامة، تصل إلى حوالي 300 كلم، وما زالت أسلاكه الشائكة تخفي الخطر والموت لسكان المنطقة رغم مرور 50 سنة على إنجازه وزرعه بالألغام، حيث أصبحت هذه المنطقة نموذجا حيا لهذا الواقع الذي تصوّره مشاهد مواطنين بمختلف الأعمار بأعضاء مبتورة· وحسب مصالح الدرك الوطني بالولاية، فإنها سجلت خلال الفترة الممتدة من سنة 2004 إلى 2010 الكثير من التدخلات تجاوزت 21 حالة، كان آخرها ما قبل السنة الماضية، حيث أدى انفجار لغم أرضي إلى وفاة شاب في العشرين من عمره بمنطقة الحرازة، بضواحي مدينة العين الصفراء· وحسب آخر الأرقام المسجلة بمديرية النشاط الاجتماعي، فإن ضحايا ألغام خط موريس قد وصل إلى أزيد من 172 ضحية، بإصابات مختلفة نتجت عنها عاهات مستديمة وكسور على مستوى الأطراف العلوية والسفلية نتيجة قذف الجسم المصاب على ارتفاعات غير محددة، قبل ارتطامه بالأرض، لذا عمدت الجهات الوصية إلى إنشاء مركز جهوي لتجهيز ضحايا الألغام· وقد تدعمت ولاية النعامة بملحقة لتقويم الأعضاء البشرية والتي قامت، حسب مصادرنا، خلال السنة الماضية فقط بإنجاز 69 عملية لتصحيح الأعضاء وتقويمها، وصنع 31 حذاء طبيا لفائدة معطوبي الحرب والألغام المزروعة، خاصة ببلديات النعامة، جلين بورزق، مغرار والعين الصفراء، رغم نشاط الفرق العسكرية المختصة في نزع هذه الألغام والتي فجّرت ما يفوق 990 لغم مضاد للأفراد خلال الفترة الممتدة بين 2004 إلى ,2006 رغم غياب الخرائط التوجيهية وتأثير العوامل الطبيعية خاصة السيول والرياح التي جرفت الألغام وأبعدتها تدريجيا عن مواقعها الأصلية، الأمر الذي أبقى على خطورتها ليظل خط موريس الشبخ المخيف الذي ما زال يهدد حياة المواطنين، خاصة أطفال البدو الرحل الذين تقودهم البراءة بدافع الفضول إلى اللعب بهذه الألغام إلى حين انفجارها· وحسب الأرقام التي كشفها المرصد الدولي للألغام، فقد ارتفع إلى 7328 ضحية، أي بنسبة زيادة وصلت إلى 1103 بالمائة مقارنة بسنة .2004 وأضافت التقديرات أن 15 ضحية جديدة تسقط كل عام بفعل الألغام الأرضية الدفينة بخطي شال وموريس·كما أفادت جهات مسؤولة أن عمليات استطلاع واستكشاف جديدة لمواقع الألغام ستنطلق وستمس خطي شال وموريس بشرق البلاد وغربها واستنادا إلى ما توفر من معطيات جديدة بعد أن تسلمت الجزائر رسميا خرائط انتشار الألغام من الجانب الفرنسيوهو ما يؤشر لتنفيذ مرحلة أخرى من مراحل نزع الألغام والتي تقدرها تقارير رسمية بـ3 ملايين لغم نائم عبر أكثـر من 1100 كلم، ما تزال تدنس أرض الجزائر، من أصل 11 مليون لغم مضاد للأفراد والمجموعات هذه العملية تتطلب إمكانيات ضخمة دفعت الجزائر في وقت سابق غداة مصادقتها على معاهدة حظر الألغام في سنة 2005 إلى طلب مساعدة منظمة الأمم المتحدة لإزالتها. هذا ولن ندعي السبق ولا الانفراد في طرق موضوع ما يزال يشكل وإلى الآن بابا رئيسيا لمطالبة فرنسا الاستعمارية بالاعتذار عن بشاعتها غير المسبوقة في تاريخ البشرية، فرنسا التي قتلت وشردت مئات الآلاف من الجزائريين في سنوات الاحتلال الطويلة والمظلمة ما تزال تقتل وترتكب جرائم حرب مع سبق الإصرار والترصد وما تزال يدها الاستعمارية الغادرة تنغرس في ظهر مئات الجزائريين عبر ما خلفته من ألغام على طول الشريط الحدودي في الوقت الذي تتظاهر بمد يدها للصداقة كان لابد أن تنتظر 45 سنة كاملة لتعبر فرنسا الساركوزية عن نيتها (الحسنة) بين قوسين وتقدم خرائط انتشار الألغام التي زرعها جيشها على طول الحدود الشرقية والغربية مع كل من تونس والمغرب بين سنوات 1956 و1959 وبعد أن قتلت وخلفت أكثـر من 12 ألفا من المدنيين بعد الاستقلال يعانون إعاقات مختلفة، لكن السؤال الذي كان يلح بإصرار ونحن منطلقون في جمع مادة هذا الملف متتبعين مسار حقول الموت، بداية من من الغزوات مرورا بالعريشة فولاية النعامةيتعلق بمدى فاعلية تلك الخرائط التي تحصلنا عليها مؤخرا، هل يمكن لها أن توقف نزيف الجزائريين وتفرمل رقم المعطوبين بسبب السياسات الإرهابية لشال وموريس، ألم تصبح هذه العملية بعد أكثـر من أربعة عقود من الاستقلال، مجرد مسرحية فرنسية سيئة الإخراج تبتغي من ورائها فرنسا تسجيل ’نقطة سياسية بعد أن تأكدت أن تلك الخرائط لم تعد ذات قيمة بفعل فقدانها لفاعليتها الميدانية؟

جريدة الأجواء :س.ابراهيم