الفرس و البندقية, و من خلالهما و بهما يحمي شرفه و يختل مكانته في القبيلة
و بين القبائل الأخرى و يكتسب الواجهة التي تفضي إلى السيادة و القيادة.
و للفروسية تقاليد و طقوس مرعية لا ينبغي الإخلال بها و إلا كانت
هجينة,منها اللباس الخاص و المواسم التي يتداعى لها الفرسان من داخل
الولاية و خارجها في شكل فرق تنتسب إلى قبائلها تتبارى بما تملكه من خيول
فارهة و بنادق و لباس و سروج ذات أشكال و ألوان و أنساق موحدة.و من فنونهم
التي يعتزون بها في باديتهم فنون الرقص البدوي خاصة رقصة العلاوي (من
العلو)ذات الإيقاع المنسجم و الحركات الدقيقة التي توحي بإيقاع حركة الخيل
و اندفاعها في الشوط أو في ميدان الحرب و مناورتها و دورانها عند الصدام
كما يوحي "العلاوي"بدوي البارود و نضام الجماعة ذهابا و إيابا,أما الحيدوس
فهو رقصة نسائية و قد يشارك فيها الرجال (ولعل الحيدوس من الحدس الذي هو
السرعة و المضي على استقامة و الذهاب في الأرض)و تقوم على نظام الصف
المنسجم المتراص و الإيقاع الواحد بالأيدي و الأرجل و الصوت,و يمكن أن نجدس
في هذه الحركة و الإندياج في الأرض في كلتا الرقصتين طبيعة البدوي الذي لا
يقر له قرارا في الأرض. فهو دائم التنقل و الترحال هروبا من شر الأعداء و بحثا عن المناجع و مرتع
أغنامه ظاعنا نحو الشمال زمن الحر و القيظ و نحو الجنوب فصل البرد و
الثلج,و هذا من دفين الذاكرة الجمعية ووجدان الجماعة يأتيه الآن في أفراحهم
و مناسباتهم و لا يدرك معناه الثاوي في عمق ضميره و لا مصدر نشأته.
و بدو النعامة كغيرهم يسكنون الخيام التي تنسج من شعر الماعز في فلجان,و كل
فليج هو قطعة تضم إلى أختها فتكون الخباء أي الخيمة و مثل الفليج العربية
فإن في الخيمة أجزاء أخرى ما تزال بأسمائها العربية الأصيلة كالفاهق و
الستار و الخالفة و الأوتاد و الركيزة و الملطمة و غيرها و من عادة البدو
أن يكون قريبا من الخيمة عشة منصوبة للضيوف أو هي بمثابة الغرفة الثانية
للإبن البكر إذا تزوج لينام فيها,و القيطون في هذه الحال ينصب للضيوف و
كلها أخبية و بيوت يسهل حملها و تركيبها في حلهم و ترحالهم.
ومن مميزات سكان البادية تلك الثقافة الشعبية الشفوية المتوارثة عبر
الأجيال نتجت من حياتهم و تجاربهم و صراعهم مع الطبيعة و كائناتها و ما
ترسب من أمثال و حكم و أشعار تمتد من تراث بني هلال في تغريباتهم الوجودية
و ما انجدر من الأحداث و الوقائع التي شهدها تاريخ الغارات و الحروب و
تقلبات الولاء و الإرتباط بالدول و الكيانات السياسية المجاورة إلى تاريخ
الحقبة الاستعمارية البغيضة و الحركات الجهادية التي اندلعت في المنطقة منذ
الغزو الفرنسي إلى الثورة التحريرية الكبرى المباركة.
و من خلال ذلك ندرك أن الخيمة اكتسبت وظيفة جديدة,إذ أصبحت مركزا للإيواء و
العلاج و الراحة,و الفرس أصبح وسيلة للتنقل و النقل و عبور الحدود,و
الشعراء أداة فعالة للتعبئة و شحن المعنويات و الحث على الجهاد لتحرير
الوطن,أما أهل البادية فقد تسابقوا إلى الإنظمام إلى الثورة تسعفهم في ذلك
معرفتهم الدقيقة بأسرار البادية و مناطقها و مضارب ساكناتها و اتساع
رقعتها,و امتدادها كحلقة و صل و اتصال بين الشمال و الجنوب و السهوب و
الجبال و منابع المياه و الأودية.و تحديدا لهوية القبائل البدوية في بادية
النعامة فلا بد من التذكير أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام كبرى و هي:قبائل
حميان و تنتشر في المنطقة الشرقية و الشمالية من أرض الولاية و تتكون حاليا
من ست بلديات,و قبائل العمور و تسكن الجهة الغربية الجنوبية و تعمر خمس
بلديات,و قبائل أولاد سيدي التاج و سيدي أحمد المجدوب و تمتد مضاربها في
الحدود الجنوبية في بلديات مغرار,تيوت,عسلة,و هي تنتسب إلى البوبكرية نسبة
إلى الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.و قد لا نجافي الحقيقة إذا
قلنا في ختام هذا التلخيص الموجز عن بادية ولاية النعامة و بدوها أن كثيرا
مما ذكر أصبح أثرا بعد عين و ذكرى ليس إلا.
عفت عليه عوادي الزمن و انفرط عقده و تناثرت حباته أيدي سبأ بفعل عوامل
التصحر الزاحف و الجفاف القاتل الذي دمر طبيعة البيئة و مواردها و كائناتها
و فرض على ساكنها الهجرة إلى المدينة و النزوح عن أرضه و زادها إهمال
الإنسان و لا مبالاته و إسرافه في استغلالها و انتهاكها تخريبا بلا وازع و
لا ضابط من قانون أو سلطة.و بذلك تقلص نشاطها الاقتصادي المتمثل في الثورة
الحيوانية التي كانت هي مصدر عيشها و عمودها الفقري و خزانها الذي يمدها
بالحركة التجارية عبر أسواق الماشية بها.و تبادى الحضر اليوم-من بدا
جفا-تحولت تلك الثقافة الغنية بعناصرها و مكوناتها إلى ثقافة حضرية أو شيئا
من ذلك,سطحية ضحلة تنزع نحو السهولة,اجتثت من بيئتها و فقدت جوهرها.
و يا نائح الطلح أشباه عوادينا نأسى لواديك أم تأسى لوادينا
و بين القبائل الأخرى و يكتسب الواجهة التي تفضي إلى السيادة و القيادة.
و للفروسية تقاليد و طقوس مرعية لا ينبغي الإخلال بها و إلا كانت
هجينة,منها اللباس الخاص و المواسم التي يتداعى لها الفرسان من داخل
الولاية و خارجها في شكل فرق تنتسب إلى قبائلها تتبارى بما تملكه من خيول
فارهة و بنادق و لباس و سروج ذات أشكال و ألوان و أنساق موحدة.و من فنونهم
التي يعتزون بها في باديتهم فنون الرقص البدوي خاصة رقصة العلاوي (من
العلو)ذات الإيقاع المنسجم و الحركات الدقيقة التي توحي بإيقاع حركة الخيل
و اندفاعها في الشوط أو في ميدان الحرب و مناورتها و دورانها عند الصدام
كما يوحي "العلاوي"بدوي البارود و نضام الجماعة ذهابا و إيابا,أما الحيدوس
فهو رقصة نسائية و قد يشارك فيها الرجال (ولعل الحيدوس من الحدس الذي هو
السرعة و المضي على استقامة و الذهاب في الأرض)و تقوم على نظام الصف
المنسجم المتراص و الإيقاع الواحد بالأيدي و الأرجل و الصوت,و يمكن أن نجدس
في هذه الحركة و الإندياج في الأرض في كلتا الرقصتين طبيعة البدوي الذي لا
يقر له قرارا في الأرض. فهو دائم التنقل و الترحال هروبا من شر الأعداء و بحثا عن المناجع و مرتع
أغنامه ظاعنا نحو الشمال زمن الحر و القيظ و نحو الجنوب فصل البرد و
الثلج,و هذا من دفين الذاكرة الجمعية ووجدان الجماعة يأتيه الآن في أفراحهم
و مناسباتهم و لا يدرك معناه الثاوي في عمق ضميره و لا مصدر نشأته.
و بدو النعامة كغيرهم يسكنون الخيام التي تنسج من شعر الماعز في فلجان,و كل
فليج هو قطعة تضم إلى أختها فتكون الخباء أي الخيمة و مثل الفليج العربية
فإن في الخيمة أجزاء أخرى ما تزال بأسمائها العربية الأصيلة كالفاهق و
الستار و الخالفة و الأوتاد و الركيزة و الملطمة و غيرها و من عادة البدو
أن يكون قريبا من الخيمة عشة منصوبة للضيوف أو هي بمثابة الغرفة الثانية
للإبن البكر إذا تزوج لينام فيها,و القيطون في هذه الحال ينصب للضيوف و
كلها أخبية و بيوت يسهل حملها و تركيبها في حلهم و ترحالهم.
ومن مميزات سكان البادية تلك الثقافة الشعبية الشفوية المتوارثة عبر
الأجيال نتجت من حياتهم و تجاربهم و صراعهم مع الطبيعة و كائناتها و ما
ترسب من أمثال و حكم و أشعار تمتد من تراث بني هلال في تغريباتهم الوجودية
و ما انجدر من الأحداث و الوقائع التي شهدها تاريخ الغارات و الحروب و
تقلبات الولاء و الإرتباط بالدول و الكيانات السياسية المجاورة إلى تاريخ
الحقبة الاستعمارية البغيضة و الحركات الجهادية التي اندلعت في المنطقة منذ
الغزو الفرنسي إلى الثورة التحريرية الكبرى المباركة.
و من خلال ذلك ندرك أن الخيمة اكتسبت وظيفة جديدة,إذ أصبحت مركزا للإيواء و
العلاج و الراحة,و الفرس أصبح وسيلة للتنقل و النقل و عبور الحدود,و
الشعراء أداة فعالة للتعبئة و شحن المعنويات و الحث على الجهاد لتحرير
الوطن,أما أهل البادية فقد تسابقوا إلى الإنظمام إلى الثورة تسعفهم في ذلك
معرفتهم الدقيقة بأسرار البادية و مناطقها و مضارب ساكناتها و اتساع
رقعتها,و امتدادها كحلقة و صل و اتصال بين الشمال و الجنوب و السهوب و
الجبال و منابع المياه و الأودية.و تحديدا لهوية القبائل البدوية في بادية
النعامة فلا بد من التذكير أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام كبرى و هي:قبائل
حميان و تنتشر في المنطقة الشرقية و الشمالية من أرض الولاية و تتكون حاليا
من ست بلديات,و قبائل العمور و تسكن الجهة الغربية الجنوبية و تعمر خمس
بلديات,و قبائل أولاد سيدي التاج و سيدي أحمد المجدوب و تمتد مضاربها في
الحدود الجنوبية في بلديات مغرار,تيوت,عسلة,و هي تنتسب إلى البوبكرية نسبة
إلى الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.و قد لا نجافي الحقيقة إذا
قلنا في ختام هذا التلخيص الموجز عن بادية ولاية النعامة و بدوها أن كثيرا
مما ذكر أصبح أثرا بعد عين و ذكرى ليس إلا.
عفت عليه عوادي الزمن و انفرط عقده و تناثرت حباته أيدي سبأ بفعل عوامل
التصحر الزاحف و الجفاف القاتل الذي دمر طبيعة البيئة و مواردها و كائناتها
و فرض على ساكنها الهجرة إلى المدينة و النزوح عن أرضه و زادها إهمال
الإنسان و لا مبالاته و إسرافه في استغلالها و انتهاكها تخريبا بلا وازع و
لا ضابط من قانون أو سلطة.و بذلك تقلص نشاطها الاقتصادي المتمثل في الثورة
الحيوانية التي كانت هي مصدر عيشها و عمودها الفقري و خزانها الذي يمدها
بالحركة التجارية عبر أسواق الماشية بها.و تبادى الحضر اليوم-من بدا
جفا-تحولت تلك الثقافة الغنية بعناصرها و مكوناتها إلى ثقافة حضرية أو شيئا
من ذلك,سطحية ضحلة تنزع نحو السهولة,اجتثت من بيئتها و فقدت جوهرها.
و يا نائح الطلح أشباه عوادينا نأسى لواديك أم تأسى لوادينا