لقد دأب سكان النعامة منذ عهد بعيد على استعمال الأعشاب التقليدية التي تزخر بها مناكب الصحراء وحواشي الأودية ، كما يعتبرها البعض وسيلة للعيش والاسترزاق كغيرها من المهن والحرف الأخرى، مع الإشارة إلى أن استعمال بعض تلك الأعشاب يكثر بالدرجة الأولى هذه الأيام لاسيما عند أكل لحم الغنم أو الإكثار منه، وسنحاول ضمن هذا الاستطلاع تسليط الضوء على مميزات وخصائص الأعشاب والنباتات الصحراوية التي توجد بمناكب الصحراء، وان أصبحت اليوم نادرة نتيجة حالات الجفاف وقلة الأمطار، غير أن بعضها ما يزال يستعمل لغرض التداوي والتطبيب التقليدي، كما أن أغلب الناس يعتبرون أن ولاية النعامة هي بمثابة الصيدلية المفتوحة على زبائنها من مختلف الفئات العمرية خاصة ممن تعود منهم على استعمال ما تحتويه من أعشاب متعددة الاستعمالات وقعها طبيب تقليدي أو ما يطلق عليه شعبيا بــ: العطار
ونظرا لظاهرة التنوع العشبي الذي يتربع على مساحة شاسعة تناثرت على بساطها أنواع كثيرة من الأعشاب والنباتات الصحراوية التي يقول عنها الكبار أنها أصل الأدوية العصرية الكيماوية ونحن بصدد إعداد هدا الاستطلاع عن استعمال الأعشاب ومنافعها الجمة أكد لنا محمد ولد خطاري، وهو من أقدم سكان النعامة وأعرفهم بالبادية وما تحتويه من أسرار أنهم يفضلون استعمال الأعشاب التقليدية عن الدواء العصري وحجتهم في ذلك أن الأول موجود في الطبيعة وهو أصل الثاني، الذي يوجد في الصيدليات وقد لايقوى البعض على اقتنائه نظرا لمحدودية الإمكانيات من جهة، والتعود على استعمال العشب التقليدي أي ما يعرف بالطب البديل .
وتفيد بعض الدراسات الأكاديمية للمنظمة العالمية للصحة أن 80 بالمائة من سكان العالم يستعملون الأعشاب التقليدية في تطبيب أمراضهم ، ويستعمل عادة سكان النعامة الأعشاب التقليدية بصفة عائلية وتشرف عليه الأمهات اللواتي يعرفن فوائد الأعشاب المعروفة بـ: (سدر) وهي العشبة الصحراوية ومنها ما يكون مجفف أو مطحون لأوراق الأشجار الطبيعية كورق الطلح / وهو أوراق خضراء توجد في شجرة الطلح التي تشكل نسبة كبيرة من الغطاء النباتي بالنعامة.
وتعتبر الطلحة أهم شجرة ببادية النعامة وهي غنية بمادة العلك وهو ثمار الطلح ويستعمل حسب ألام خناثة وهي امرأة مجربة للحياة التقليدية عاشت طوال عمرها في البادية وتأقلمت مع كل الظروف ، تقول أن العلك دواء لمرض شعبي لدى سكان النعامة يعرف باسم : أكندي / وهو إحساس بالألم في الحنجرة كما يساعد في التئام الجروح ولدغة الأفاعي والعقارب وكدا الأورام المتعفنة وتجد الناس يلتقطونه من أغصان شجرة الطلح كما يفضلون أيضا ورق الطلح الذي يستعمل حسب أمهات كثيرات لهن تجربة في التطبيب التقليدي أو عند عمي داود وهو بائع أعشاب وحشائش وتوابل فديم بالنعامة، نتمنى له الشفاء، ينفع حسب هؤلاء في معالجة أمراض المعدة كالتهاب القولون والإسهال وغير وتضيف أمرأة أخرى أنها جربت ورق الطلحة وطحنته وقدمته لمرضى الحرقة المعروفة لدى السكان بـ: المحور أي أمراض الحموضة وغيرها ...
كما توجد بالحمادة عشبة أخرى تدعى في أدبيات سكان البادية بالأخص ب: كمونة الرق ، وكلمة الرق تعني الفضاء الصحراوي الشاسع وتستعمل عادة في علاج أمراض الرأس والحمى كما تكثر نبتة / الطازية / بأودية ومرتفعات تندوف وهي نبتة تؤكل وصالحة أيضا لمعالجة أمراض الصدر والزكام وغير بعيد عن واد أمركبة وواد الماء عثرنا على نبات كروي على شكل البطيخ قال لنا أحد الرعاة أنه يسمى لديهم ب: حدجت لحمار وهو ذات اللون الأصفر ووجدنا أغصانها منتشرة على مساحة واسعة من الأرض مذاقها مر يقول أحد الرعاة أنها تنفع لأمراض الجهاز التناسلي ، والتبول لدى الأطفال إضافة إلى الحكاية الشعبية التي تحذر من عدم استعمالها في الأكل لما ينجر عن لك من آثار وانعكاسات كالجنون والهوس والخبل.
وتحولنا في تجوالنا هذا إلى دكان عمي داود بوسط المدينة أين وجدنا أكوام من الأعشاب الملقاة في أكياس، ورغم ضيق المحل إلا أن زواره كثيرون من النساء والرجال وحتى ألأطفال كل يبحث عن وصفة تقليدية لمعالجة مرض ما ومن بين تلك الأعشاب الموضوعة في أكياس صغيرة ومتوسطة الحجم وجدنا عشبة أم الناس تساعد على طرد الطفيليات المعوية والأمراض التنفسية كما يقول البعض ممن أستعملها أنها تستعمل بعد أن تحرق في النار لرفع العين والحسد ويكثر بواد معروف بالنعامة نبتة تسمى بـ: أمركبة وهي شجرة تقاوم الجفاف والتصحر يعالج بها سكان النعامة الجروح وأمراض العيون وحسب مصدر من شيوخ النعامة وسكان بادية أم المشرية وحتى المناطق النائية فان شجرة أم لبينة هي الأخرى من بين مشتملات الغطاء النباتي المحلي ولها فوائد جمة وتسمى بهذا الاسم لكونها تتوفر على سائل شبيه باللبن تستعمل في تطبيب لدغات الأفاعي وغيرها من الأمراض المرتبطة بالسموم وهو نفس الشيء بالنسبة للعكاية يقول المصدر والتي تنتشر بشكل واسع بحمادة النعامة وتنفع العكاية في مداواة أمراض العظام والروماتيزم وقد استعملها الكثير ممن التقيناهم ضمن رحلتنا العشبية هده ، وقد لاحظنا أن معظم سكان النعامة قد بدءوا يتجهون إلى بائعي الأعشاب التقليدية الدين عجت بهم أحياء المدينة لاسيما بالسوق المحلية أين يتم التوافد على اقتناء الوصفات العلاجية المستخرجة من الطبيعة والتي أثبتت نجا عتها حسب الكثير من المستعملين وفي فترة البرد لاسيما الخزامة وأزكوني والسنبل وكمونة لعشار وهي أعشاب طبيعية تستعمل في الشاي أو ما يسمى ب: الكندرة ، وهي خليط الحليب مع الشاي وتقول الحكايات الشعبية أن هدا الخليط ينفع في البرد بعد أن تضاف إليه تلك الحشائش ويلاحظ إقبال كبير على دكاكين باعة الأعشاب منهم على سبيل الذكر بوشيبة والخليل اللذين أصبحا وجهة كل راغب في الطب التقليدي أو الأعشاب والتوابل التي لايصلح تناول الأغذية التقليدية إلا بها عند العائلات النعماوية ، كما يكثر احتساء الكندرة في ألايام القادمة أين يكثر البرد، وليس لهم من وسيلة للتخلص من لسعاته سوى إعداد كوؤس الكندرة في جو عائلي .
وفي الأخير تبقى حمادة النعامة تشكل فضاء نباتيا متنوعا ينتج العديد من الأعشاب التقليدية النافعة والتي تستوجب العناية باعتبارها تمثل فهي صيدلية مفتوحة لفئات عريضة من المجتمع وممن لايسعفهم الحظ في الحصول على الدواء نتيجة الظروف المادية الصعبة وتراهم يجدون في فضاء الصحراء الملاذ الأول والأخير لمداواة أمراضهم بوصفة طبية تقليدية لاتحتاج أحيانا إلى فحص الطبيب
كما يكثر سكان النعامة خلال أيام عيد الأضحى المبارك وطيلة أكل وتناول لحم العيد من استعمال الشيح أما عن طريق الفم أو بالشاي وحسب الكثير من السكان فان ذلك ينفع في التخلص من الدسوم وأوراق الذي ذكرناه أنفا، ويبدو من خلال جولة عبر دكاكين بيع الأعشاب والعطارة اختفاء ملحوظ لهذه العشبة نتيجة الاستعمال المفرط لها، وتفضل عائلات كثيرة جمع الأعشاب من أجل لقمة العيش وسد حاجياتها المتزايدة ، لاسيما الخروب وورق الطلح والعلك وغيرها من الأعشاب التي تمثل مصدر عيش عائلات بالنعامة كثيرة، وتتم تلك العملية في العطل الأسبوعية حينما تتاح فرص للأمهات لقضاء عطلة نهاية الأسبوع رفقة عائلتها بإحدى مناطق الولاية وتجمعاتها السكانية أين يكثر الطلح وتسكن بعض الأعشاب والنباتات الصحراوية